الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5626 ) فصل : إذا طلقت قبل الدخول ، وتنصف المهر بينهما ، لم يخل من أن يكون دينا أو عينا ، فإن كان دينا لم يخل إما أن يكون دينا في ذمة الزوج لم يسلمه إليها ، أو في ذمتها ، بأن تكون قد قبضته ، وتصرفت فيه أو تلف في يدها ، وأيهما كان فإن للذي له الدين أن يعفو عن حقه منه ، بأن يقول : عفوت عن حقي من الصداق ، أو أسقطته ، أو أبرأتك منه أو ملكتك إياه ، أو وهبتك ، أو أحللتك منه ، أو أنت منه في حل ، أو تركته لك . وأي ذلك قال : سقط به المهر ، وبرئ منه الآخر ، وإن لم يقبله ، لأنه إسقاط حق فلم يفتقر إلى قبول ، كإسقاط القصاص والشفعة والعتق والطلاق ، ولذلك صح إبراء الميت مع عدم القبول منه ، ولو رد ذلك لم يرتد ، وبرئ منه ، لما ذكرناه .

                                                                                                                                            وإن أحب العفو من الصداق في ذمته ، لم يصح العفو ; لأنه إن كان في ذمة الزوج فقد سقط عنه بالطلاق وإن كان في ذمة الزوجة ، فلا يثبت في ذمتها إلا النصف الذي يستحقه الزوج ، وأما النصف الذي لها ، فهو حقها تصرفت فيه ، فلم يثبت في ذمتها منه شيء ، ولأن الجميع كان ملكا لها تصرفت فيه ، وإنما يتجدد ملك الزوج للنصف بطلاقه ، فلا يثبت في [ ص: 197 ] ذمتها غير ذلك . وأيهما أراد تكميل الصداق لصاحبه ، فإنه يجدد له هبة مبتدأة .

                                                                                                                                            وأما إن كان الصداق عينا في يد أحدهما ، فعفا الذي هو في يده للآخر ، فهو هبة له تصح بلفظ العفو والهبة والتمليك ، ولا تصح بلفظ الإبراء والإسقاط ، ويفتقر إلى القبض فيما يشترط القبض فيه . وإن عفا غير الذي هو في يده ، صح بهذه الألفاظ ، وافتقر إلى مضي زمن يتأتى القبض فيه ، إن كان الموهوب مما يفتقر إلى القبض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية