الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5911 ) مسألة : قال : ( وإذا قال لها : أنت طالق في شهر كذا ، لم تطلق حتى تغيب شمس اليوم الذي يلي الشهر المشترط ) وجملة ذلك أنه إذا قال : أنت طالق . في شهر عينه ، كشهر رمضان ، وقع الطلاق في أول جزء من الليلة الأولى منه ، وذلك حين تغرب الشمس من آخر يوم من الشهر الذي قبله ، وهو شهر شعبان . وبهذا قال أبو حنيفة ، وقال أبو ثور : يقع الطلاق في آخر رمضان ; لأن ذلك يحتمل وقوعه في أوله وآخره ، فلا يقع إلا بعد زوال الاحتمال .

                                                                                                                                            [ ص: 324 ] ولنا ، أنه جعل الشهر ظرفا للطلاق ، فإذا وجد ما يكون ظرفا له طلقت ، كما لو قال : إذا دخلت الدار فأنت طالق . فإذا دخلت أول جزء منها طلقت . فأما إن قال : إن لم أقضك حقك في شهر رمضان فامرأتي طالق ، لم تطلق حتى يخرج رمضان قبل قضائه ; لأنه إذا قضاه في آخره لم توجد الصفة ، وفي الموضعين لا يمنع من وطء زوجته قبل الحنث . وقال مالك : يمنع . وكذلك كل يمين على فعل يفعله ، يمنع من الوطء قبل فعله ; لأن الظاهر أنه على حنث ، لأن الحنث بترك الفعل ، وليس بفاعل .

                                                                                                                                            ولنا ، أن طلاقه لم يقع ، فلا يمنع من الوطء لأجل اليمين ، كما لو حلف : لا فعلت كذا . ولو صح ما ذكره لوجب إيقاع الطلاق . ( 5912 ) فصل : ومتى جعل زمنا ظرفا للطلاق ، وقع الطلاق في أول جزء منه ، مثل أن يقول : أنت طالق اليوم ، أو غدا ، أو في سنة كذا ، أو شهر المحرم ; لما ذكرنا . فإن قال : أردت في آخره ، أو أوسطه ، أو يوم كذا منه ، أو في النهار دون الليل . قبل منه فيما بينه وبين الله تعالى . وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين . وإن قال : أنت طالق في أول رمضان ، أو غرة رمضان ، أو في رأس شهر رمضان ، أو دخول شهر رمضان ، أو استقبال رمضان ، أو مجيء شهر رمضان . طلقت بأول جزء منه ، ولم يقبل قوله : أردت أوسطه ، أو آخره . لا ظاهرا ، ولا باطنا ; لأنه لا يحتمله لفظه . وإن قال : بانقضاء رمضان ، أو انسلاخه ، أو نفاده ، أو مضيه . طلقت في آخر جزء منه .

                                                                                                                                            وإن قال : أنت طالق في أول نهار شهر رمضان ، أو في أول يوم منه . طلقت بطلوع فجر أول يوم منه ; لأن ذلك أول النهار واليوم . ولهذا لو نذر اعتكاف يوم ، أو صيام يوم ، لزمه من طلوع الفجر . وإن قال : أنت طالق إذا كان رمضان ، أو إلى رمضان ، أو إلى هلال رمضان ، أو في هلال رمضان ، طلقت ساعة يستهل ، إلا أن يكون نوى من الساعة إلى الهلال ، فتطلق في الحال . وإن قال : أنت طالق في مجيء ثلاثة أيام ، طلقت في أول اليوم الثالث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية