الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            القسم الثاني ، أن تدعي انقضاء عدتها بوضع الحمل ، فلا يخلو ; إما أن تدعي وضع الولد لتمام ، أو أنها أسقطته قبل كماله ، فإن ادعت وضعه لتمام ، فلا يقبل قولها في أقل من ستة أشهر من حين إمكان الوطء بعد العقد ; لأنه لا يكمل في أقل من ذلك ، وإن ادعت أنها أسقطته ، لم يقبل قولها في أقل من ثمانين يوما من حين [ ص: 407 ] إمكان الوطء بعد عقد النكاح ; لأن أقل سقط تنقضي به العدة ما أتى عليه ثمانون يوما ، لأنه يكون نطفة أربعين يوما ، ثم يكون علقة أربعين يوما ، ثم يصير مضغة بعد الثمانين ، ولا تنقضي به العدة قبل أن يصير مضغة بحال . وهذا ظاهر قول الشافعي .

                                                                                                                                            القسم الثالث ، أن تدعي انقضاء عدتها بالشهور ، فلا يقبل قولها فيه ; لأن الخلاف في ذلك ينبني على الاختلاف في وقت الطلاق ، والقول قول الزوج فيه ، فيكون القول قوله فيما ينبني عليه ، إلا أن يدعي الزوج انقضاء عدتها ; ليسقط عن نفسه نفقتها ، مثل أن يقول : طلقتك في شوال . فتقول هي : بل في ذي الحجة . فالقول قولها ; لأنه يدعي ما يسقط النفقة ، والأصل وجوبها ، فلا يقبل إلا ببينة . ولو ادعت ذلك ، ولم يكن لها نفقة ، قبل قولها ; لأنها تقر على نفسها بما هو أغلظ . ولو انعكست الدعوى ، فقال : طلقتك في ذي الحجة ، فلي رجعتك . فقالت : بل طلقتني في شوال ، فلا رجعة لك .

                                                                                                                                            فالقول قوله ; لأن الأصل بقاء نكاحه ، ولأن القول قوله ، في إثبات الطلاق ونفيه فكذلك في وقته . إذا ثبت هذا ، فكل موضع قلنا : القول قولها . فأنكرها الزوج ، فقال الخرقي : عليها اليمين . وهو قول الشافعي ، وأبي يوسف ومحمد . وقد أومأ إليه أحمد ، في رواية أبي طالب . وقال القاضي : قياس المذهب أن لا يجب عليها يمين . وقد أومأ إليه أحمد ، فقال : لا يمين في نكاح ولا طلاق . وهو قول أبي حنيفة ; لأن الرجعة لا يصح بذلها ، فلا يستحلف فيها ، كالحدود . والأول ; أولى ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { : اليمين على المدعى عليه } . ولأنه حق آدمي يمكن صدق مدعيه ، فيجب اليمين فيه ، كالأموال .

                                                                                                                                            فإن نكلت عن اليمين ، فقال القاضي : لا يقضى بالنكول ; لأنه مما لا يصح بذله . ويحتمل أن يستحلف الزوج ، وله رجعتها ، بناء على القول برد اليمين على المدعي ; وذلك ; لأنه لما وجد النكول منها ، ظهر صدق الزوج ، وقوي جانبه ، واليمين تشرع في حق من قوي جانبه ، ولذلك شرعت في حق المدعى عليه لقوة جانبه باليد في العين ، وبالأصل في براءة الذمة في الدين . هذا مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية