الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5988 ) فصل : وإن قال : أول من تقوم منكن ، فهي طالق . أو قال لعبيده : أول من قام منكم ، فهو حر . فقام الكل دفعة واحدة ، لم يقع طلاق ولا عتق ; لأنه لا أول فيهم . وإن قام واحد أو واحدة ، ولم يقم بعده أحد ، احتمل وجهين ; أحدهما ، يقع الطلاق والعتق ; لأن الأول ما لم يسبقه شيء ، وهذا كذلك . والثاني ، لا يقع طلاق ولا عتق ; لأن الأول ما كان بعده شيء ، ولم يوجد .

                                                                                                                                            فعلى هذا لا يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه ، حتى يتبين من قيام أحد منهم بعده ، فتنحل يمينه ، وإن قام اثنان ، أو ثلاثة ، دفعة واحدة ، وقام بعدهم آخر ، وقع الطلاق والعتق بالجماعة الذين قاموا في الأول ; لأن الأول يقع على الكثير والقليل ، قال الله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } . وحكي عن القاضي في من قال : أول من يدخل من عبيدي ، فهو حر . فدخل اثنان دفعة واحدة ، ثم دخل بعدهما ، ثالث ، لم يعتق واحد منهم . وهذا بعيد ; فإنهم قد دخل بعضهم بعد بعض ، ولا أول فيهم ، وهذا لا يستقيم إلا أن يكون قال : أول من يدخل منكم وحده . ولم يدخل بعد الثالث أحد ; فإنه لو دخل بعد الثالث أحد ، عتق الثالث ، لكونه أول من دخل وحده ، وإذا لم يقل وحده ، فإن لفظة " الأول " تتناول الجماعة كما ذكرنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { أول من يدخل الجنة فقراء المهاجرين } .

                                                                                                                                            ولو قال : آخر من يدخل منكن الدار ، فهي طالق . فدخل بعضهن ، لم يحكم بطلاق واحدة منهن ، حتى يتبين من دخول غيرها بموته ، أو موتهن ، أو غير ذلك ، فيتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا ، من حين دخلت ، وكذلك الحكم في العتق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية