الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في إقرار المريض لوارث بدين قلت : أرأيت لو أقر لوارث بدين في مرضه الذي مات فيه ، أيجوز ذلك في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز ذلك إلا ببينة قال : فقيل له : فالرجل يقر لامرأته في مرضه بالمهر يكون عليه أو بالدين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينظر في ذلك ، فإن كان لا يعرف منها إليه ناحية ولا انقطاع وله ولد من غيرها ، جاز ذلك . وإن كان يعرف منه انقطاع ومودة إليها ، وقد كان الذي بينه وبين ولده متفاقما ولعل لها الولد الصغير ، قال مالك : فلا أرى أن يجوز ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الورثة ، أهم بهذه المنزلة على ما وصفت لي في أمر المرأة ، يكون بعضهم له إليه الانقطاع والمودة ، وآخر قد كان يعرف منه إليه البغضاء ، أيكونون بحال ما وصفت لي في المرأة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، وأرى أن يجوز ذلك . وإنما رأى مالك ذلك في المرأة وقال : لا يتهم إذا لم يكن له منها ولد ولا ناحية مودة ، يعرف أنه يفر بماله من ولده إلى غيرهم . فأما الولد أو الإخوة كلهم ، إذا كانوا هم ورثته فلا أرى ذلك ، ولو كان يترك ابنته ويترك عصبة يرثونه بولاء أو قرابة يلقونه ، فأقر لهم بمال لم يتهم أن يقر إلى العصبة دون ابنته ويترك عصبة بولاء أو قرابة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأصل ما سمعت من مالك بن أنس : إنما يريد بذلك التهمة ، فإذا لم تقع التهمة لفرار يفر به إليه دون من يرثه معه لم يتهم وجاز . فذلك يجزيك من ذلك كله .

                                                                                                                                                                                      سحنون عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال : أيما امرئ قال لفلان في مالي كذا وكذا مال يسميه دينا عليه ، قال : إن كان وارثا بطل . وقال : يحيى بن سعيد : من ذكر عند الموت أنه تصدق بصدقة من ماله ولو كان عدلا أو غير عدل لم يجز ذلك ، إلا أن يجيزه الورثة ، فإن شاءوا ردوها وإن شاءوا أجازوها .

                                                                                                                                                                                      وقال شريح الكندي : لا يجوز إقرار الميت بدين لوارث .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وقال إبراهيم النخعي : لا يجوز إلا ببينة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية