الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الطعام العفن بالطعام العفن ، أيصلح هذا مثلا بمثل ؟ قال : إن كان ذلك العفن يشبه بعضه بعضا فلا بأس به ، وإن كان العفن متفاوتا فلا خير فيه ، وكذلك القمحان يكون فيهما من التبن والتراب الشيء الخفيف فلا بأس به مثلا بمثل ، ولو كان [ ص: 296 ] أحدهما كثير التبن أو التراب حتى يصير ذلك إلى المخاطرة فيما بينهما ، أو يكون أحدهما نقيا والآخر مغشوشا كثير التبن والتراب ، فلا خير في ذلك إلا أن يكونا نقيين أو يكون ما فيهما من الغلث الشيء الخفيف . فإن كان ذلك كثيرا صار إلى المخاطرة وإلى طعام بطعام وليس مثلا بمثل ، وليس هذا يشبه ما اختلف من الطعام ، مثل البيضاء والسمراء أو الشعير والسلت بعض هذه الأصناف ببعض ; لأن هذين الصنفين إذا اختلفا جميعا فيتبايعانه ، ولأن هذين مغشوشان فلا يصلح ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك لو كانت سمراء مغلوثة بشعير مغلوث ، أيصلح ذلك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا خير في ذلك إلا أن يكون شيئا خفيفا بحال ما وصفت لك .

                                                                                                                                                                                      قلت : وليس حشف التمر بمنزلة غلث الطعام ; لأن الحشف من التمر والغلث إنما هو شيء من غير الطعام وهذا كله رأيي .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت هذا الطعام المغلوث إذا كان صبرة واحدة ، أيجوز أن يقتسماه بينهما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم لا بأس بذلك إن كان من صبرة واحدة ، فإن كان من صبرتين مختلفتين لم يصلح ذلك ; لأنه لا يدرى ما وقع غلث كل واحدة منهما من صاحبتها . والواحدة إذا كانت مغلوثة غلثها شيء واحد ، لا يدخله من خوف الاختلاف والمخاطرة ما يدخل الصبرتين إذا كانتا مختلفتين . قال : ولقد سألت مالكا عن غربلة القمح في بيعته ؟ فقال : هو الحق الذي لا شك فيه . فأرى أن يعمل به ، والذي أجيزه من القمح بالقمح أو القمح بالشعير أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين ، ولا يكون أحدهما غلثا والآخر نقيا ، ولا يكونا إلا مثلا بمثل ، وهذا الذي سمعته .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية