الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن شهد رجلان أن لهما ولفلان معهما على فلان ألف درهم ، أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا . قال : وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل إذا شهد لرجل في ذكر حق له فيه شيء : [ ص: 30 ] لم تجز شهادته لا له ولا لغيره ، وهذا مخالف للوصية . لو شهد رجل على وصية قد أوصي له فيها بشيء ، فإن كان الذي أوصى له به شيئا تافها لا يتهم عليه ; جازت له ولغيره ، وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها بالتهمة .

                                                                                                                                                                                      ولو أن رجلا شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم ، لم تجز شهادته في العتق وحده للشبهة ، وجازت في الوصايا للقوم مع أيمانهم . وإنما ترد شهادته إذا شهد له ولغيره في كتاب ذكر حق وله فيه حق ، فهذا الذي ترد شهادته له ولغيره ، وهذا أحسن ما سمعت .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أحلفتهم مع الشاهد في الوصية وفيها العتق والثلث لا يحمل ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فإنما يكون لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في رجل هلك ، فشهد رجل أنه أوصى لقوم بوصايا ، وأوصى للشاهد منها بوصية ، وأوصى إلى الشاهد وهو يشهد على جميع ذلك ، فسمعت مالكا يقول : إذا كان الذي يشهد به لنفسه أمرا تافها لا يتهم على مثله ، رأيت شهادته جائزة . قال : وأخبرني بعض من أثق به ، أن مالكا قال : لا تجوز شهادته هذه له ولا لغيره ; لأنه إذا كان يتهم ; لأنه إذا ردت شهادته في بعض حتى يكون فيها متهما ردت كلها .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقد روي في هذا الأصل اختلاف عن مالك وغيره وسأذكره .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وقال يحيى بن سعيد في رجل شهد في وصية رجل ، وقد أوصى له ببعض الوصية ، قال : إن كان وحده ليس معه شاهد في الوصية غيره ، لم تجز شهادته لنفسه . وإن كان معه شاهد آخر يشهد له جازت شهادته لنفسه ولغيره . وإن كان وحده جازت شهادته لمن شهد له وردت شهادته عن نفسه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وسألت عنها مالكا فقال : لا تجوز شهادته لنفسه ، ولا تجوز شهادة الرجل له ، ولا تجوز شهادة الموصي له ولا لغيره .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد ، أنه سئل عن رجال كانوا من قبائل شتى ، كانوا في سفر فتوفي أحدهم . فأوصى القوم بوصايا من ماله ليس لهم شهداء على ما أوصى به لهم إلا بعضهم لبعض ، فقال : إنه لا تجوز شهادتهم بعضهم لبعض إلا أن يشهد لهم من ليس له في الوصية حق ، أو يشهدوا غيرهم .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب . وقال مالك : لا تجوز شهادة الموصى له وإن كان طالب الحق غيره ، ولا الموصى إليه ولصاحبه ; لأن في شهادته جرا إلى نفسه . ولو جازت شهادته لجاء رجلان قد شهدا على الوصية . فشهدا أنه أوصى لهما فيثبت حق كل واحد منهما بشهادة صاحبه مع يمينه ، ففي هذا بيان من هذا وغيره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية