الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      فيمن اغتصب جارية فأعورت عنده أو حالت أسواقها أو جني عليها قلت : أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية ، فأصابها عنده عور أو عمى أو [ ص: 179 ] ذهاب يد من السماء ، ثم استحقها ربها فأراد سيدها أن يأخذ الجارية ويأخذ من الغاصب ما نقصها العيب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس ذلك له ، وإنما له أن يأخذها بعينها ، ولا شيء له ، أو يأخذ من الغاصب قيمتها يوم غصبها ويسلم الجارية .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الغاصب كان ضامنا لها يوم غصبها ، فما أصابها بعد ذلك من أمر من السماء فليس الغاصب بضامن لذلك ، وإنما هو ضامن للقيمة التي كان لها ضامنا بالغصب ; لأن الذي أصابها ليس من فعله . وإنما يضمن قيمتها أن لو ماتت . فأما إذا أصابها عيب من ذهاب عين أو يد أو رجل أو ما أشبه هذا من العيوب ، فإنه يقال لربها خذ قيمتها يوم غصبتها ، أو خذ جاريتك ولا شيء لك غير ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن قال الغاصب : لا أغرم جميع قيمتها وهذه الجارية ، فخذها مني وخذ مني ما نقصها العيب عندي ، أيكون ذلك له ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ; لأنه قد ضمن قيمتها يوم غصبها إلا أن يردها صحيحة بحال ما أخذها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية