الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ارتهن رهنا فقال له الراهن إن جئتك بالثمن إلى أجل كذا وإلا فالرهن لك لما لك علي قلت : أرأيت إن رهنته رهنا وقلت له : إن جئتك إلى أجل كذا وكذا ، وإلا فالرهن لك بما أخذت منك .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : هذا الرهن فاسد وينقض هذا الرهن ولا يقر .

                                                                                                                                                                                      قال [ ص: 152 ] مالك : من قرض كان أو من بيع ، فإنه لا يقر ويفسخ . وإن لم يفسخ حتى يأتي الأجل الذي جعله الراهن للمرتهن بما أخذ من المرتهن إلى ذلك الأجل ، فإنه لا يكون للمرتهن ، ولكن الرهن يرد إلى ربه يأخذ المرتهن دينه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أفيكون للمرتهن أن يحبس هذا الرهن حتى يوفيه الراهن حقه ، ويكون المرتهن إن أفلس هذا الراهن أولى بهذا الرهن من الغرماء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، وإنما معنى قوله : إنه يفسخ أنه إن كان أقرضه إلى سنة على أن ارتهن به هذا المتاع ، فإن حل الأجل ولم يوفه فالسلعة للمرتهن بما قبض منه الراهن ، فإن هذا يفسخ قبل السنة ولا ينتظر بهما السنة . فهذا معنى قول مالك إنه يفسخ . فأما ما لم يدفع إليه الراهن حقه فليس له أن يخرجه من يده ، والمرتهن أولى به من الغرماء . وكذلك لو كان إنما رهنه من بيع فهو والقرض سواء .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال لي مالك في هذه المسألة : فإن مضى - الأجل والرهن في يد المرتهن أو قبضه - من أحد جعله على يديه بما شرط من الشرط في رهنه .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : فإن أدرك الرهن بحضرة ذلك رد ، وإن تطاول ذلك وحالت أسواقه وتغير بزيادة بدن أو نقصان بدن لم يرده ، ولزمته القيمة في ذلك يوم حل الأجل وضمنه .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : إنما تلزمه بالقيمة السلعة أو الحيوان ; لأنه حين أخذها على أنه إن لم يأت بالثمن فهي له بالثمن ، فصار إن لم يأت رب السلعة بما عليه فقد اشتراها المرتهن شراء فاسدا ، فيفعل بالرهن ما يفعل بالبيع الفاسد .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقاصه بالدين الذي كان للمرتهن على الراهن من قيمة السلعة ويترادان الفضل .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وهذا في السلع والحيوان ، وأما الدور والأرضون قال مالك : فليس فيهما فوت وإن حالت أسواقهما وطال زمانهما ، فإنها ترد إلى الرهن ويأخذ دينه .

                                                                                                                                                                                      قال : وهو مثل البيع الفاسد ، كذلك قال مالك : قلت : فإن انهدمت الدار أو بني فيها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا فوت . وكذلك قال مالك : الهدم فوت والبنيان فوت والغرس فوت .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن هدمها هو أو انهدمت من السماء فذلك سواء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم قلت : وهذا في البيع الحرام مثل هذا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ويلزمه قيمتها يوم حل الأجل ، وهو يوم قبضها وهذا بيع حرام .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية