الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن شققت بطن رجل فتكلم وأكل وعاش يومين أو ثلاثة ثم مات من ذلك ، أتكون فيه القسامة أم لا ؟ قال : لم أوقف مالكا على هذا ، ولكن قال مالك : من ضرب فمات تحت الضرب ، أو بقي بعد الضرب مغمورا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات ، فهذا الذي لا قسامة فيه . قال مالك : ومن أكل وشرب وعاش ثم مات بعد ذلك ، فأرى فيه القسامة لأنه لا يؤمن أن يكون إنما مات من أمر عرض له من مرض أو غير ذلك . وأما ما ذكرت من شق الجوف ، فإني لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى ، إن كان قد أنفذ مقاتله حتى يعلم أنه لا يعيش من مثل هذا وإنما حياته إنما هي خروج نفسه ، فلا أرى في مثل هذا وما أشبهه قسامة .

                                                                                                                                                                                      قال : ولقد قال لي مالك في الشاة التي يخرق السبع بطنها فيشق أمعاءها فينثره ، أنها لا تؤكل . قال : لأنها ليست بذكية ; لأن الذي صنع السبع بها كان قتلا لها ، وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا على حال .

                                                                                                                                                                                      قلت : والخطأ والعمد فيه القسامة - في قول مالك - لا بد من ذلك إذا عاش بعد الضرب ثم مات ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن مكث يومين أو ثلاثة من بعد الجراحات مصروعا من الجراح ، إلا أنه يتكلم ولم يأكل ولم يشرب ثم مات ، أتكون القسامة فيه أم لا ؟ قال : قد فسرت لك قول مالك إذا عاش حياة تعرف ففيه القسامة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قطع فخذي فعشت يوما وأكلت في ذلك اليوم وشربت ثم مت من آخر النهار ، أتكون في ذلك القسامة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا إلا أني أرى أن في هذا القسامة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية