الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
درجات الولاية الإيمانية

والولاية في القرآن والحديث درجات متسلسلة كما يلي:

الدرجة الأولى، ولاية الله للمؤمنين، وإلى هـذه الولاية كانت الإشارة بأمثال قوله تعالى: ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هـم فيها خالدون ) [البقرة:257]. فالله يتولى شئون المؤمنين بإخراجهم من ظلمات الجهل ومزالق الانحراف، إلى مناهج الحياة الصائبة، والمؤمنون يتولون القيام بعبادته تعالى، ونشر دعوته، والجهاد في سبيلها بالمال والنفس.. وولاية الله هـي الأصل الذي تتفرع عنه بقية درجات الولاية. فمن لم يحقق هـذه الولاية بينه وبين الله، لا تنفعه موالاة سواه ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ) [الرعد:11].

ولذلك يجري التأكيد وتكرار التذكير بتحقيق هـذه الولاية، وتتكرر الإشادة والبشارة للذين حققوها في عشرات المواضع من القرآن الكريم والسنة الشريفة.

والدرجة الثانية: ولاية الرسل والمؤمنين، وإلى هـذه الدرجة من الولاية كانت الإشارة بأمثال قوله تعالى: ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ) [آل عمران:68]، ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) [الأحزاب:6]. فالرسل يتولون المؤمنين بالتربية والتوجيه والإرشاد، والمؤمنون يتولون الرسل بالاستجابة والاتباع والإيواء والنصرة. [ ص: 105 ]

والدرجة الثالثة: ولاية المؤمنين للمؤمنين، وإلى هـذه الدرجة كانت الإشارة بأمثال قوله تعالى: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) [التوبة:71]. فالمؤمنون والمؤمنات يتولون إيواء بعضهم بعضا، ونصرة بعضهم بعضا، ويأمن بعضهم بعضا في ميادين الحياة المختلفة، ابتداء من الأسرة، ومرورا بالجوار في الحي، والتعايش في المهجر، والجهاد في الدائرة الإنسانية الكبرى. ومن هـذه الموالاة تتحدد - كما مر - مفاهيم الولاية، ابتداء من ولاة الأسرة ومرورا بولاة الأقاليم، وأولي الأمر من العلماء والرؤساء والخلفاء وولاة العمل، إلى جميل المسئوليات والوظائف والمهن، كبرت أم صغرت.

والدرجة الرابعة: ولاية أولي الأرحام من المؤمنين، وإلى هـذه الدرجة كانت الإشارة بأمثال قوله تعالى: ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) [الأحزاب:6]. فأولو الأرحام وذوي القربى في أمة المؤمنين، يقومون بتولي أمور بعضهم بعضا في شئون الحياة كلها.

وتقدم مصادر التربية الإسلامية في القرآن والسنة تفاصيل دقيقة لأشكال الولاية والولاء، الواجب تطبيقها في كل درجة من الدرجات الأربع المشار إليها، بحيث تشمل جميع مظاهر السلوك، وتطبعها بطابعها.

التالي السابق


الخدمات العلمية