الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معنى النصرة

يتردد مصطلح النصرة ومشتقاته في القرآن والحديث لتعني ما يلي:

النصرة بمعنى اتباع دين الله، والجهاد في سبيله، وطاعة أوامره، واجتناب معاصيه؛ مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [محمد:7].

النصرة بمعنى التأييد والمساعدة على التفوق والغلبة؛ مثل قوله تعالى: ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) [آل عمران:123]، ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ) [التوبة:25].

النصرة بمعنى المؤازرة؛ مثل قوله تعالى: ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هـم المفلحون ) [الأعراف:157]. وفي الحديث: " النساء ينصر بعضهن بعضا " [1] " من نصر قومه على غير حق فهو كالبعير " [2] النصرة بمعنى الحماية؛ مثل قوله تعالى: ( ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم ) [هود:30]، ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هـما في الغار إذ يقول [ ص: 84 ] لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) [التوبة:40].

النصرة بمعنى مساندة الحق وإشاعة العدل؛ مثل قوله تعالى: ( ما لكم لا تناصرون ) [الصافات:25].

النصرة بمعنى الثأر ودفع العدوان؛ مثل قوله تعالى: ( والذين إذا أصابهم البغي هـم ينتصرون ) [الشورى:39]. وفي الحديث: ( دونك فانتصري ) [3] ( من دعا على من ظلمه فقد انتصر ) [4]   النصرة بمعنى منع الظلم ودفعه إذا وقع؛ مثل ( قوله صلى الله عليه وسلم : أمرنا بعيادة المريض ونصرة المظلوم ) [5] " من أذل عنده مؤمن، فلم ينصره وهو يقدر على نصره، أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة " [6] " يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر على أن ينصره فلم ينصره " [7] أما عن المناسبات التي اقترنت بالتوجيهات القرآنية والنبوية التي عالجت عنصر النصرة، وأدرجته في العناصر المكونة للأمة الإسلامية فهي أولا: ذلك الالتزام الكامل الذي قام به الأنصار قولا وعملا لنصرة الرسول  صلى الله عليه وسلم، ونصرة المهاجرين معه،ومن أجل ذلك أطلق عليهم اسم " الأنصار " . وهي ثانيا: تلك التضحية الكاملة التي قدمها المهاجرون حين اقتلعوا أنفسهم من المجتمع الجاهلي وثقافته اقتلاعا كاملا، ثم أوقفوا هـذه الأنفس لنصرة دين الله سبحانه وتعالى. وهي ثالثا: إقامة الفريقين مجتمعين لمعاني الإسلام في واقع حياتهم، في المجتمع النبوي والراشدي، ثم الخروج إلى العالم كله لإقامة هـذه المعاني في حياة الآخرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية