الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إخراج الأمة المسلمة وعوامل صحتها ومرضها

الدكتور / ماجد عرسان الكيلاني

الفصل الحادي عشر: مرحلة مرض الأمة (مرحلة الدوران في فلك الأشخاص)

يرمز إلى مرحلة الأمة في الشكل رقم (1) بالمستطيل ب حـ د هـ. وتتحول الأمة إلى هـذه المرحلة حين تصبح حقيقة " المثل الأعلى " الذي يوجه الحياة فيها هـي (دوران الأفكار والأشياء في فلك الأشخاص) .

ويبدأ الدوران المذكور حين يتغير مفهوم حمل أفكار الرسالة، فيصبح مكاسب يسعى أشخاص العصبيات القوية إلى إجبار الآخرين على الاعتراف لهم بملكيتها، والتمتع بثمارها في الجاه والمال والنفوذ، وبعد أن كانت مسؤولية وأمانة يخلف أفراد الأمة الرسول في حملها ونشرها. والمحصلة النهائية لهذا التبدل في القيم الاجتماعية، هـي اختفاء الخلافة الراشدة، وظهور ما يسميه الرسول  صلى الله عليه وسلم بـ " الملك الجبري " الذي يلغي الشورى وحرية الاختيار، ويجبر الأمة على المنهج الذي يضمن مصالح أشخاص العصبيات في الحكم والتملك. وتتفاوت دوائر " الملك الجبري " في الأمة بتفاوت سعتها ومقدارها، فتبدأ من الأسرة أو المتجر أو الوظيفة، حتى تبلغ أقصى سعتها في صلاحيات الحاكم. وهذا التجانس بين قمة الملك الجبري وقواعده، يندرج كذلك تحت ( قوله  : كما تكونوا يول عليكم. )

ونجاح أشخاص الملك الجبري، في توجيه سلم القيم في الأمة عند المحطة الزمنية (ب) في الشكل رقم (1) ، يهيئ إلى انحسار عناصر الأمة - أي عناصر: الإيمان، والهجرة، والجهاد، والإيواء، والنصرة، والولاية - من دائرة الأفكار إلى دائرة الولاء للأشخاص، واستبدال محتوياتها الفكرية بمحتويات شخصية.. وتكون المحصلة النهائية لتفاعلاتها هـي الولاء للأشخاص. وبذلك يتغير تكوين الأمة لتصبح معادلتها كما يلي: الأمة = الولاء للأشخاص (إيمان + هـجرة ومهجر + جهاد ورسالة + إيواء + نصرة) = إيمان بالأشخاص + هـجرة للأشخاص + جهاد للأشخاص + إيواء للأشخاص + نصرة للأشخاص. [ ص: 118 ]

والولاء للأشخاص له دوائر بعضها أضيق من بعض، فهناك الولاء للقوم، والولاء للإقليم، ثم الولاء للعشيرة، أو الطائفة، أو الحزب، ثم الولاء للأسرة، ثم ولاء الفرد لنفسه.

ويصور الشكل رقم (3) أولى دوائر الولاءات المشار إليها: أي دائرة الولاء للقوم، أو الطور الأول من أطوار مرض الأمة.

[ ص: 119 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية