الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معنى الإيواء

أما عن معاني الإيواء في القرآن والحديث فهي كما يلي:

الإيواء بمعنى الوطن، ومكان الإقامة الدائمة، مثل  قوله تعالى: ( فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون ) [السجدة:19].

والإيواء بمعنى حسن الاستقبال والتكريم، مثل  قوله تعالى: ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ) [يوسف:69].

والإيواء بمعنى الرعاية والعناية، مثل  قوله تعالى: ( ألم يجدك يتيما فآوى ) [الضحى:6]، ( وفصيلته التي تؤويه ) [المعارج:13]، ( وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) [المؤمنون:50].

والإيواء بمعنى الاستقرار النفسي والاجتماعي، مثل  قوله تعالى: ( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ) [الأحزاب:51]. وفي الحديث: ( ألك امرأة تأوي إليها؟ ) [1] والإيواء بمعنى طلب الأمن والنجاة، مثل قوله تعالى: [ ص: 63 ]

( إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) [الكهف:10]، ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) [هود:43]. والإيواء بمعنى السند والدعم والملجأ والحماية، مثل  قوله تعالى: ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) [هود:80]، ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ) (الأنفال:26].

والإيواء بمعنى الراحة والاسترخاء، مثل  قوله تعالى: ( قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ) [الكهف:63]، وفي الحديث: ( إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ) [2] وأما عن التطبيقات العملية للإيواء في مجتمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فهي تتألف من أمرين اثنين كذلك، الأول: ما قدمه الأنصار للمهاجرين من استقبال كريم، وإقامة آمنة مريحة، ومؤاخاة عملية قامت على المشاركة الكاملة في الحياة والعمل والمئونة والمصير. والثاني: ما قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تنظيم للعلاقات الاجتماعية بين مختلف الجماعات التي سكنت المدينة في زمنه، مستهدفا تجسيد الإيواء في واقع عملي ينعم الجميع فيه بمقومات العيش الكريم، ويكون مثلا أعلى تقتدي به أجيال الأمة المسلمة من بعد.

 

التالي السابق


الخدمات العلمية