الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4698 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: يعتق عليه بملكه إياه.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: النخعي ، والأوزاعي ، والثوري ، وأبا حنيفة ، وأبا يوسف ، ومحمدا ، والشافعي ، وإسحاق، وداود، فإنهم قالوا: إذا ملك أباه يعتق عليه بمجرد الملك، ولا يحتاج إلى عتق مستأنف، وأما إذا ملك غير الوالدين من ذي الرحم المحرمة وغيرهم ففيه خلاف وتفصيل.

                                                فقال أصحابنا: شرط العتق أن يكون من ذوي الرحم المحرمة، وذو الرحم المحرم كل شخصين يدليان إلى أصل واحد بغير واسطة كالأخوين، أو أحدهما بواسطة والآخر بواسطة كالعم وابن العم، وكذلك إذا ملك ابن العم والعمة أو ابنتها، أو ابن خاله أو خالته أو ابنتيهما، وكذا لو ملك حليلة ابنه أو منكوحة أبيه، أو أما من الرضاع لا تعتق; لأن في الأول وجد رحم بلا محرم، وفي الثاني وجد المحرم بلا رحم.

                                                وقالت طائفة: لا يعتق إلا من ولده من جهة أب أو أم، أو من ولده هو كذلك، ولا يعتق غير هؤلاء لا أخ ولا غيره، وهو قول الشافعي .

                                                وقال [ ص: 102 ] الأوزاعي: يعتق كل ذي رحم محرمة حتى ابن العم وابن الخال فإنهما يعتقان عليه ويستسعيهما.

                                                وقال ابن حزم: ما نعلم قول الشافعي عن أحد قبله، فإن قالوا: إنه روي عن إبراهيم: "إذا ملك الوالد أو الولد عتق" قلنا: نعم، وقد صح عنه هذا أيضا في كل ذي رحم، وليس في قوله: "إذا ملك الوالد والولد عتق" أن غيرهما لا يعتق.

                                                وقال ابن حزم أيضا: ومن ملك ذا رحم محرم فهو حر ساعة تملكه، فإن ملك بعضه لم يعتق عليه إلا الوالدين خاصة والأجداد والجدات فقط، فإنهم يعتقون عليه كلهم إن كان له مال يحمل قيمتهم، فإن لم يكن له مال يحمل قيمتهم استسعوا، وهم كل من ولده من جهة أم أو جدة أو أب، وكل من ولده هو من جهة ولد، أو ابنة الأعمام والعمات وإن علوا كيف كانوا، لأم أو لأب، والإخوة والأخوات كذلك، وكل من نالته ولادة أخت أو أخ بأي جهة كانت، ومن كان له مال وله أب أو أم أو جد أو جدة أجبر على ابتياعهم بأغلى قيمتهم، وعتقهم إذا أراد سيدهم بيعهم، فإن أبى لم يجبر السيد على البيع، فإن ملك ذا رحم غير محرمة، أو ملك ذا محرم من غير رحم لكن بصهر، أو وطء أب أو ابن لم يلزمه عتقهم، وله بيعهم إن شاء.




                                                الخدمات العلمية