الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5885 ص: ويقال لمن صرف ذلك إلى الراهن فجعل له استعمال الرهن: أيجوز للراهن أن يرهن رجلا دابة هو راكبها فلا يجد بدا من أن يقول: لا. فيقال له: فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون مخلى بينه وبين المرتهن، فيقبضه ويصير في يده دون الراهن كما وصف الله -عز وجل- الرهن بقوله فرهان مقبوضة فيقول: نعم.

                                                فيقال له: فلما لم تجز أن تستقبل الرهن على ما الراهن راكبه لم يجز ثبوته في يده بعد ذلك رهنا بحقه إلا كذلك أيضا; لأن دوام القبض لابد منه في الرهن؛ إذ كان الرهن إنما هو المرتهن للشيء المرهون بالدين، وفي ذلك أيضا ما يمنع استخدام الأمة الرهن; لأنها ترجع بذلك إلى حال لا يجوز عليها استقبال الرهن.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي يقال لمن صرف قوله -عليه السلام-: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مركوبا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا" إلى أن ذلك إلى الراهن، والذين [ ص: 151 ] صرفوا ذلك إلى الراهن هم أهل المقالة الأولى، وتحقيق هذا الكلام: أن هذا إيراد على أهل المقالة الأولى بأن يقال لهم: إذا رهن رجل دابة والحال أنه راكبها، فإن قال لآخر: "رهنتك هذه الدابة" فإن هذا لا يجوز، هم أيضا يقولون: لا يجوز.

                                                فدل هذا أن التخلية بين الرهن والمرتهن شرط حتى يكون في قبضه وفي يده دون يد الراهن، وذلك لأن الله تعالى قال: فرهان مقبوضة فوصف الرهن بالقبض، فدل أنه شرط.

                                                فإذا قيل لهم: هل هذا كذلك؟

                                                فيقولون: نعم. فإذا كان كذلك فكيف يجوز أن يقال: للراهن أن يركب الرهن بحق نفقته عليه، أو يشرب لبنه بحق نفقته عليه؟!.

                                                قوله: "على ما الراهن راكبه" أي على الشيء الذي هو راكبه، وهو الدابة.

                                                قوله: "وفي ذلك أيضا" أي: وفي ما ذكرنا من اشتراط دوام القبض في الرهن ما يمنع أن يستخدم الراهن الأمة التي رهنها; لأنه حينئذ يشبه رهن الدابة وهو راكبها.




                                                الخدمات العلمية