الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5040 [ ص: 334 ] ص: حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا خالد بن نزار ، قال: أنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة قال: " كنت عاملا لابن الزبير - رضي الله عنهما - على الطائف، فكتبت إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - في امرأتين كانتا في بيت تخرزان جرزا لهما، فأصابت إحداهما يد صاحبتها بالإشفى فجرحتها، فخرجت وهي تدمي، وفي الحجرة حداث، فقالت: أصابتني، فأنكرت ذلك الأخرى. فكتبت في ذلك إلى ابن عباس ، - رضي الله عنهما - فكتب إلي: أن رسول الله -عليه السلام- قضى أن اليمين على المدعى عليه، ولو أن الناس أعطوا بدعواهم; لادعى ناس من الناس دماء رجال وأموالهم، فادعها فاقرأ هذه الآية عليها: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية، فقرأت عليها الآية فاعترفت.

                                                قال نافع: : فحسبت أنه قال: "فبلغ ذلك ابن عباس فسره"
                                                .

                                                ألا ترى أن رسول الله -عليه السلام- رد حكمها في ذلك إلى حكم سائر ما يدعي بعض الناس على بعض.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا أيضا شاهد مثل ما قبله.

                                                أخرجه بإسناد صحيح، عن نصر بن مرزوق ، عن خالد بن نزار بن المغيرة الأيلي ، عن نافع بن عمر بن عبد الله المكي ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة المكي الأحول .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة: "كتبت إلى ابن عباس في امرأتين كانت تخرزان جرزا في بيت، وفي الحجرة حداث، فأخرجت إحداهما يدها تشخب دما، فقالت: أصابت يدي هذه، وأنكرت الأخرى، فكتب إلي ابن عباس: أن رسول الله -عليه السلام- قضى أن اليمين على المدعى عليه .... إلى آخره".

                                                [ ص: 335 ] وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود مختصرا.

                                                قوله: "تخرزان" من خرز الخف وغيره، يخرزه خرزا، من باب ضرب يضرب ومادته: خاء معجمة، وراء، ثم زاي معجمة.

                                                و"الجرز" بكسر الجيم، وسكون الراء المهملة، وفي آخره زاي معجمة، وهو لباس من لباس النساء من الوبر، ويقال هو الفرو الغليظ.

                                                قوله: "بالإشفى" بكسر الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الفاء، مقصور، وهي التي يقال لها بالفارسية: درفس، وقال الجوهري: الإشفى الذي للأساكفة، وقال ابن السكيت: الإشفى ما كان للأساقي والمزاد وأشباهها، والمخصف للنعال.

                                                قلت: الأساقي جمع السقاء وهو الدلو، وهو الجمع الكثير، والجمع القليل الأسقية والأسقيات، والمزاد -بفتح الميم-: جمع مزادة، وهي الراوية، وتجمع على مزايد أيضا.

                                                قوله: "وهي تدمي" من دمي الشيء يدمى: إذا خرج منه الدم، وهو من باب علم يعلم، قاله الجوهري، يقال: دمي الشيء يدمى دميا ودميا فهو دم، مثل فرق يفرق فرقا فهو فرق، والمصدر متفق عليه أنه بالتحريك، وإنما اختلفوا في الاسم.

                                                قوله: "وفي الحجرة حداث" جملة حالية، والحداث -بضم الحاء المهملة وتشديد الدال- أي جماعة يتحدثون، وهو جمع على غير قياس، حملا على نظيره، نحو سامر وسمار، فإن السمار- بالضم: المتحدثون.

                                                قوله: "يشخب دما" أي يسيل دما.




                                                الخدمات العلمية