الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                ص: فقال قائل: ففي هذا الحديث أنه حده بعد إقراره أقل من أربع مرات.

                                                قيل له: في هذا الحديث علة; وذلك أن ربيعا المؤذن حدثنا، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أتى رسول الله -عليه السلام- ماعز بن مالك، فاعترف مرتين، فقال: اذهبوا به، ثم ردوه فاعترف مرتين، حتى اعترف أربعا، فقال رسول الله -عليه السلام-: اذهبوا به فارجموه".

                                                [ ص: 474 ] ففي هذا الحديث أنه أقر مرتين، ثم ذهبوا به، ثم ردوه فأقر مرتين، فيجوز أن يكون جابر بن سمرة حضر المرتين الأخريين ولم يحضر ما كان قبل ذلك، وحضر ابن عباس الإقرار كله، وكذلك من وافقه على أنه كان أربعا.

                                                التالي السابق


                                                ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم شرطتم في وجوب الحد على المعترف بالزنا أربع مرات، ولم توجبوا الحد إذا أقر مرة أو مرتين أو ثلاثا، فقد جاء في حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أنه حده بعد إقراره مرتين أو ثلاثا.

                                                وتقرير الجواب أن يقال: يحتمل أن يكون جابر بن سمرة قد حضر في قصة ماعز عند إقراره المرتين الأخريين ولم يحضر عند إقراره المرتين الأوليين، فحكى بحسب ما شاهد من ذلك، والدليل عليه حديث ابن عباس فإنه قال: "أتى ماعز رسول الله -عليه السلام- فاعترف مرتين، فقال لهم النبي -عليه السلام-: اذهبوا به لعله أن ينزع عن ذلك، ثم ردوه، فاعترف مرتين أخريين حتى كمل اعترافه أربعا، ثم أمرهم رسول الله -عليه السلام- أن يذهبوا به ويرجموه، فصار أقاريره الأربع في مجلسين، في كل مجلس إقراران، فيحتمل أن يكون بين المجلسين يوم أو أقل منه أو أكثر، ويكون جابر بن سمرة قد حضر المجلس الأخير فعاين منه إقرارين فحكى على ذلك، وحضر ابن عباس المجلسين جميعا فحكى أقاريره الأربعة، وكذلك كل من روى أربعا عن ابن عباس على هذا. فافهم.

                                                وهذا المعنى هو المراد من قوله: "في هذا الحديث علة" أي معنى قد بينه، والله أعلم.

                                                وإسناد حديث ابن عباس صحيح، ورجاله ثقات قد تكرر ذكرهم.




                                                الخدمات العلمية