الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4994 ص: وكان من الحجة لهم أن قوله: "أو يأخذ الدية" قد يجوز أن يكون على ما قال أهل المقالة الأولى، ويجوز أنيأخذ الدية إن أعطيها كما يقال للرجل: خذ بديتك إن شئت دراهم وإن شئت دنانير وإن شئت عروضا، وليس المراد بذلك أنه يأخذ ذلك رضي الذي عليه الدين أو كره، ولكن يراد إباحة ذلك له إن أعطيه.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية، وأراد بها الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأولى من حديث أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي، بيانه أن قوله -عليه السلام-: "أو يأخذ الدية" يحتمل معنيين:

                                                أحدهما: ما قاله أهل المقالة الأولى، وهو أن يأخذها، رضي بذلك القاتل أو لم يرض.

                                                والآخر: يحتمل معناه أن يكون يأخذها إن أعطيها، يعني: له ذلك إن أعطي، ومثل هذا له نظير في الكلام، وذلك كما يقال للرجل الذي له دين على آخر: خذ بدينك إن شئت دراهم، وإن شئت دنانير، وإن شئت عروضا فإن معناه إباحة [ ص: 223 ] ذلك له إن أعطيه، وليس معناه أن يأخذ ذلك سواء رضي الذي عليه الدين أو لم يرض، وكما قال -عليه السلام- لبلال حين أتاه بتمر: "أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا، ولكن نأخذ الصالح منه بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال -عليه السلام-: لا تفعل، ولكن بع تمرا بعرض ثم خذ بالعرض هذا" ومعلوم أنه لم يرد يعني بأخذ التمر بالعرض بغير رضا الآخر، فإذا كان الأمر كذلك لم يجز لأحد الفريقين أن يحمل الحديث على أحد الاحتمالين إلا بدليل من خارج يدل على ذلك، فيترجح به أحد الاحتمالين، ويبقى الاحتمال الآخر في حكم الساقط.




                                                الخدمات العلمية