الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الحرية وهي مسألة الكتاب . فقد ذكرنا أنها شرط في قبول الشهادة ، وليست شرطا في صحة العدالة ، لأن قوله مقبول في الفتيا والأخبار وإن لم يقبل في الشهادة .

                                                                                                                                            وحريته تعلم من وجهين متفق عليهما ، وثالث مختلف فيه :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تلده حرة فيكون حر الأصل .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعتقه مالك فيصير حرا بعد الرق .

                                                                                                                                            والثالث : المختلف فيه : أن يقول : أنا حر ، ففي ثبوت حريته بقوله وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الظاهر من قول الشافعي رضي الله عنه في هذا الموضع : لا تقبل شهادته حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة أنه حر ، فكان ظاهر كلامه أن خبره في حريته مقبول ، لأنه لما كان قوله في إسلامه مقبولا ، لأن الظاهر من الدار إسلام أهلها ، كان قوله في حريته مقبولا . لأن الظاهر من دار الإسلام حرية أهلها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن قوله في حريته غير مقبول ، وإن كان قوله في إسلامه مقبولا .

                                                                                                                                            وهذا أظهر الوجهين .

                                                                                                                                            [ ص: 159 ] والفرق بين الإسلام والحرية ، أنه يملك الإسلام إذا كان كافرا ، فملك الإقرار به .

                                                                                                                                            ولم يملك الحرية إذا كان عبدا ، فلم يملك الإقرار بها .

                                                                                                                                            ويكون معنى قول الشافعي رضي الله عنه : " إلا بخبر منه " : يعني من الحاكم : لأن يجوز للحاكم أن يعمل بعلمه في أسباب الجرح والتعديل على القولين معا .

                                                                                                                                            وكان بعض أصحابه يحمل الجميع على القولين في الجرح والتعديل ، هل الحكم يعمل فيهما بعلمه أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            والفرق بينهما أولى لما ذكرناه من المعنى .

                                                                                                                                            فأما قول الشافعي : ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة تشهد أنه حر . فقد اختلف أصحابنا في مراده بنفي القبول على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تسمع الشهادة حتى يعلم حرية الشاهد وإسلامه فيسمعها ثم يسأل عن عدالته بظهور الحرية والإسلام ، وخفاء العدالة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يحكم بها حتى يعلم حريته وإسلامه ويجوز أن يسمعها قبل العلم بحريته وإسلامه كالعدالة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية