الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في شروط أداء شاهد الفرع ] .

                                                                                                                                            فصل : وأما صحة الأداء فمعتبرة بشاهد الأصل وصحة أدائه معتبرة بخمسة شروط :

                                                                                                                                            أحدها : أن يصح تحمله على الشروط المعتبرة فيه ، فإذا أخل بشرط منها لم يصح أداؤه .

                                                                                                                                            والشرط الثاني : أن يكون مقيما على شهادته غير راجع عنها ، فإن رجع عنها قبل الأداء لم يصح أداؤه ، ولو رجع بعد الأداء وقبل الحكم بطل الأداء ، ولو رجع بعد الحكم بالأداء ، لم يبطل الحكم برجوعه .

                                                                                                                                            والشرط الثالث : أن يكون شاهد الأصل غير قادر على أداء الشهادة ، إما لغيبة أو زمانة أو موت ، فإن كان قادرا على أداء الشهادة لم يكن لشاهد الفرع أن يؤديها عنه ، لأن الأصل أقوى من الفرع ، وإذا وجدت القوة في الشهادة لم يجز إسقاطها ، وخالفت الوكالة في جوازها عن الحاضر ، لأن الحاضر قد يضعف عن استيفاء حجته كالغائب .

                                                                                                                                            وخالفت الخبر في جواز قبولها من المخبر مع وجود المخبر عنه ، لأن الخبر يلزم المخبر والمستخبر والشهادة تلزم المشهود عليه دون الشاهد .

                                                                                                                                            فلو شهد شاهد الفرع لغيبة شاهد الأصل أو مرضه ، ثم قدم شاهد الأصل من سفره أو صح من مرضه نظر :

                                                                                                                                            فإن كان بعد نفوذ الحكم بشهادة الفرع لم تسمع شهادة الأصل .

                                                                                                                                            وإن كان قبل نفوذ الحكم بها سمعت شهادة الأصل ولم ينفذ الحكم بشهادة الفرع .

                                                                                                                                            فأما الغيبة التي تجوز معها شهادة الفرع ، فقد اعتبرها أبو حنيفة بمدة القصر وهي مسافة ثلاثة أيام عنده .

                                                                                                                                            واعتبرها أبو يوسف بأن يكون إذا رجع إليها في أول النهار لم يقدر على العود منها قبل الليل إلى وطنه .

                                                                                                                                            وعلى الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنها معتبرة بلحوق المشقة في عوده ، لأن دخول المشقة على الشاهد يسقط عنه فرض الأداء .

                                                                                                                                            [ ص: 226 ] الشرط الرابع : أن يسمي شاهد الأصل في أدائه بما يعرف به ، فإن أغفل ذكره لم يصح أداؤه ، لأنه فرعه ، وقد يكون الأصل غير مرضي ، فتكون الشهادة مردودة وإن كان الفرع مرضيا ، فقبولها معتبر بعدالة الأصل والفرع ، وإن قال شاهد الفرع : " أشهدني شاهد عدل رضى " لم تقبل شهادته حتى يسميه ، لأن تزكية الشهود إلى الحاكم دون غيره .

                                                                                                                                            والشرط الخامس : أن يؤدي الشهادة على الصفة التي تحملها ، فإن كان قد تحمل عن شاهد الأصل لذكره لسبب وجوب الحق من بيع أو قرض ، ذكره في أدائه عنه ، فقال " أشهد أن فلان ابن فلان الشاهد أشهدني على شهادته وعن شهادته ، أن فلان ابن فلان أقر عنده وأشهده على نفسه أن عليه لفلان ابن فلان ألف درهم ، فتصح الشهادة بهذا الأداء .

                                                                                                                                            فإن قال " أشهدني على شهادته ولم يقل " وعن شهادته " ففي صحة أدائه وجهان تعليلا بما قدمناه .

                                                                                                                                            وهذا أصح ما قيل في أداء الشهادة على الشهادة .

                                                                                                                                            فإن قال شاهد الفرع : أشهد عن فلان ابن فلان الشاهد جاز .

                                                                                                                                            ولو قال : " أشهد عليه " لم يجز ، لأن الحق على المقر لا على الشاهد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية