الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما مشاهدة التصرف في الملك من غير أن ينتشر به الخبر المتظاهر فيجوز أن يشهد للمتصرف فيه باليد ، ليحكم بها عند منازعته فيه .

                                                                                                                                            فأما إن أراد أن يشهد له بملك عند مشاهدة التصرف ، فقد جوزه أبو حنيفة في قليل التصرف وكثيره ، لأنه لما جاز أن يشهد على بيعه لما في يده جاز أن يشهد له بملكه ، وهو على مذهب الشافعي معتبر بالتصرف وإن قل زمانه ، لم يجز أن يشهد له بالملك لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه قد يتصرف تارة بالملك ، وتارة بتجارة ووكالة ، واستعارة ، فلم يتعين الملك بالتصرف .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لو دلت اليد والتصرف على الملك لما جاز للمدعي عند الحاكم أن يدعي دارا في يد رجل ، لأنه يصير مقرا له بملكها ، وفي جواز ادعائها بعد ذكر يده دليل على أن اليد غير موجبة للملك ، ولا يمنع صاحب اليد من البيع ، لأنه قد يبيع بالملك تارة ، وبالوكالة أخرى

                                                                                                                                            فأما إذا طال زمان تصرفه حتى استمر ، وكان تصرفه في العين كالتصرف بالسكنى ، والإجارة ، والهدم ، والبناء ، فقد اختلف أصحابنا هل يصح الشهادة له بالملك على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا تصح له الشهادة بالملك لما قدمناه من تعليل الأمرين المتقدمين .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وأبي سعيد الإصطخري ، يصح أن يشهد له بالملك لأمرين :

                                                                                                                                            [ ص: 38 ] أحدهما : أن أحكام الملك من شواهد الملك .

                                                                                                                                            والثاني : أن إطلاق التصرف في العرف من دلائل الملك ، والأول أشبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية