الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السادسة : فعلى المذهب في أصل المسألة : هل يجوز التفاضل فيما لا يوزن بصناعة أم لا ؟ فيه روايتان . وذلك كالمعمول من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص ، ونحوه . وكالمعمول من الموزونات ، كالخواتم والأسطال والإبر والسكاكين والثياب والأكيسة ، ونحو ذلك . وأطلقهما في المذهب ، والفروع ، والفائق . وأطلقهما في التلخيص فيما لا يقصد وزنه .

إحداهما : يجوز التفاضل . وهو المذهب اختاره المصنف ، والشارح ، والشيخ تقي الدين . وهو الصواب . وقدمه ابن رزين في شرحه .

الثانية : لا يجوز . اختاره ابن عقيل في الفصول . وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، والحاويين . قال الزركشي : المنع اختيار جماعة . منهم ابن عقيل وغيره . وعنه يجوز بيع ثوب بثوبين وكساء بكساءين يدا بيد . وأصل ذلك الوزن ولم يراع أصله . [ ص: 15 ] وقال القاضي في الجامع الصغير ، والتعليق : إن قصد وزنه كالأسطال والإبريسم ونحوهما : لم يجز التفاضل . وإن لم يقصد وزنه كالصوف والقطن ونحوهما جاز التفاضل . وجزم به في التلخيص . قال الزركشي : وهو قول جماعة . وهو أوجه . وقاله في الكافي في الموزون وقطع في المنسوج من القطن والكتان : أنه لا ربا فيه . قال في الفروع : وعلى هذه المسألة يخرج بيع فلس بفلسين . وفيه روايتان منصوصتان . وأطلقهما في التلخيص ، والفروع .

إحداهما : لا يجوز التفاضل . نص عليه في رواية جماعة . قدمه في الحاوي الكبير ، والمستوعب ، والرواية الثانية : يجوز التفاضل . فعلى هذه الرواية : لو كانت نافقة . هل يجوز التفاضل فيها ؟ على وجهين . وأطلقهما في التلخيص ، والفروع .

إحداهما : لا يجوز . جزم به أبو الخطاب في خلافه الصغير . وقدمه في الحاوي الكبير ، والمستوعب .

والوجه الثاني : يجوز . قال الزركشي : قال القاضي في الجامع الصغير وابن عقيل والشيرازي ، وصاحب المستوعب ، والتلخيص وغيرهم : سواء كانت نافقة أو كاسدة . بيعت بأعيانها ، أو بغير أعيانها . وجزم أبو الخطاب في خلافه الصغير بأنها مع نفاقها لا تباع بمثلها إلا مماثلة ، معللا بأنها أثمان . ثم حكى الخلاف في معمول الحديد . قال : وتلخص من ذلك في الفلوس النافقة ، هل تجري مجرى الأثمان . فيجري الربا فيها ؟ إن قلنا : العلة في النقدين [ ص: 16 ] الثمنية مطلقا وهو ظاهر ما حكاه أبو الخطاب في جامعه الصغير . أو لا يجري مجراها ، نظرا إلى أن العلة ما هو ثمن غالبا . وذلك يختص الذهب والفضة . وهو قول أبي الخطاب في خلافه الكبير ، على القولين . وعلى الثاني : لا يجري الربا فيها ، إلا إذا اعتبرنا أصلها ، وقلنا : العلة في النقدين الوزن كالكاسدة . انتهى كلام الزركشي .

التالي السابق


الخدمات العلمية