الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فإن كان عليه حق لإنسان ، فادعى رجل أنه وكيل صاحبه في قبضه ، فصدقه : لم يلزمه الدفع إلي . وإن كذبه : لم يستحلف ) . بلا نزاع . كدعوى وصية . فإن دفعه إليه . فأنكر صاحب الحق الوكالة : حلف ، ورجع على الدافع وحده . فإن كان المدفوع وديعة ، فوجدها أخذها . وإن تلفت ، فله تضمين من شاء منهما . ولا يرجع من ضمنه على الآخر . وقال في الفروع : ومتى أنكر رب الحق الوكالة : حلف ، ورجع على الدافع . وإن كان دينا ، وهو على الوكيل ، مع بقائه أو تعديه وإن لم يتعد فيه مع تلفه : لم يرجع على الدافع . وإن كان عينا أخذها . ولا يرجع من ضمنه على الآخر . انتهى .

فائدة :

متى لم يصدق الدافع الوكيل : رجع عليه . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وفاقا . وقال : مجرد التسليم ليس تصديقا . وقال : وإن صدقه ضمن أيضا في أحد القولين في مذهب الإمام أحمد ، بل نصه ; لأنه إن لم يتبين صدقه ، فقد غره . [ ص: 405 ] ولو أخبر بتوكيل ، فظن صدقه : تصرف وضمن ، في ظاهر قوله . قاله في الفروع . وقال الأزجي : إذا تصرف بناء على هذا الخبر ، فهل يضمن ؟ فيه وجهان . ذكرهما القاضي في الخلاف ، بناء على صحة الوكالة وعدمها ، وإسقاط التهمة في شهادته لنفسه . والأصل في هذا : قبول الهدية إذا ظن صدقه ، وإذن الغلام في دخوله بناء على ظنه . ولو شهد بالوكالة اثنان ، ثم قال أحدهما " قد عزله " لم تثبت الوكالة ، على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : ويتوجه بلى . كقوله بعد حكم الحاكم بصحتها . وكقول واحد غيرهما . ولو أقاما الشهادة حسب بلا دعوى الوكيل ، فشهدا عند الحاكم : أن فلانا الغائب وكل هذا الرجل في كذا . فإن اعترف ، أو قال " ما علمت هذا ، وأنا أتصرف عنه " ثبتت وكالته . وعكسه " ما أعلم صدقهما " فإن أطلق ، قيل : فسره . قوله ( وإن كان ادعى . أن صاحب الحق أحاله به ، ففي وجوب الدفع إليه مع التصديق واليمين مع الإنكار وجهان ) . وأطلقهما في الهداية ، وعقود ابن البنا ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والهادي ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والحاويين ، والفروع ، والفائق ، ونهاية ابن رزين . ونظمها ، وإدراك الغاية .

أحدهما : لا يجب الدفع إليه مع التصديق ، ولا اليمين مع الإنكار كالوكالة . قال في الفروع : هذا أولى . قال المصنف ، والشارح : هذا أشبه وأولى ; لأن العلة في جواز منع الوكيل : كون الدافع لا يبرأ . وهي موجودة هنا . والعلة في وجود الدفع إلى الوارث : كونه [ ص: 406 ] مستحقا ، والدفع إليه يبرئ . وهو متخلف هنا . فإلحاقه بالوكيل أولى . انتهيا . وجزم به الأدمي في منتخبه . وقدمه ابن رزين في شرحه . وهذا المذهب ، على ما اصطلحناه في الخطبة . قال في تصحيح المحرر : وذكر ابن مصنف المحرر في شرح الهداية لوالده أن عدم لزوم الدفع اختيار القاضي ، والوجه الثاني : يجب الدفع إليه ، مع التصديق ، واليمين مع الإنكار . صححه في التصحيح ، والنظم . قال في الرعايتين : لزمه ذلك في الأصح . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وجزم به الوجيز . وصححه شيخنا في تصحيح المحرر . وقدمه في تجريد العناية .

فائدة :

تقبل بينة المحال عليه على المحيل . فلا يطالبه . وتعاد لغائب محتال بعد دعواه . فيقضي بها له إذن .

التالي السابق


الخدمات العلمية