الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن صالحت المرأة بتزويج نفسها : صح . فإن كان الصلح عن عيب في مبيعها . فبان أنه ليس بعيب : رجعت بأرشه لا بمهرها ) . وهكذا رأيت في نسخة قرئت على المصنف ، والمصنف ممسك للأصل ، وعليها خطه . وكذا قال في الخلاصة ، والمحرر ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . قال في تذكرة ابن عبدوس " فبان صحيحا " . وفي منور الأدمي ومنتخبه " فبان أن لا عيب " . وفي تجريد العناية " فبان بخلافه " وعليها شرح الشارح فمفهوم كلام هؤلاء : أنه لو كان به عيب حقيقة ، ثم زال عند المشتري : أنه لا يرجع بالأرش . قال ابن نصر الله في حواشي الوجيز : بلا خلاف . ووجد في نسخ " فزال ، أي العيب " وكذا في الكافي ، والوجيز ، والفروع ، وغيرهم . فظاهر كلام هؤلاء : أنه إن كان به عيب حقيقة . ثم زال ، كالحمى مثلا ، والمرض ، ونحوهما . [ ص: 241 ] لكن أوله ابن منجى في شرحه . وقال : معنى " زال " تبين . وذكر أنه لمصلحة من أذن له في إصلاحه ، كالنسخة الأولى . ومثله : بما إذا كان المبيع أمة ظنها حاملا لانتفاخ بطنها . ثم زال . وقال : صرح به أبو الخطاب في الهداية . ثم قال : فعلى هذا : إن كان موجودا أي : العيب عند العقد ، ثم زال . كمبيع طير مريضا . فتعافى : لا شيء لها . وزوال العيب بعد ثبوته حال العقد : لا يوجب بطلان الأرش . لكن تأويله مخالف لظاهر اللفظ . وهو مخالف لما صرح به في الرعايتين والحاويين ، والمذهب ، والنظم . فإنهم ذكروا الصورتين . وجعلوا حكمهما واحدا . إذا تحقق ذلك . فهنا صورتان . إحداهما : إذا تبين أنه ليس بعيب . فهذه لا نزاع فيها في رد الأرش .

الثانية : إذا كان العيب موجودا ثم زال . فهذه محل الكلام والخلاف . فحكى في الرعايتين فيها وجهين . وزاد في الكبرى قولا ثالثا .

أحدها : أنه حيث زال يرد الأرش . وهو الذي قطع به في المذهب ، والحاويين . وقدمه في الرعايتين . وهو ظاهر قوله في الوجيز ، والكافي ، والفروع . لاقتصارهم على قولهم " فزال " . والقول الثاني : أن الأرش قد استقر لمن أخذه ، ولو زال العيب ، ولا يلزمه رده . وهذا ظاهر ما في الخلاصة ، والمقنع في نسخة ، والمحرر ، والشرح ، وإدراك الغاية ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، والمنتخب ، وتجريد العناية . لاقتصارهم على قولهم " فتبين أنه ليس بعيب " اختاره ابن منجى . وقال ابن نصر الله : لا خلاف فيه . وكأنه ما اطلع على كلامه في المذهب ، والرعايتين ، والحاويين . ولنا قول ثالث في المسألة : اختاره ابن حمدان في الكبرى . [ ص: 242 ] فقال ، قلت : إن زال العيب والعقد جائز أخذه ، وإلا فلا . انتهى .

قلت : وهو أقرب من القولين . ويزاد " إذا زال سريعا عرفا " والله أعلم . وبعده : القول بعدم الرد . والقول بالرد مطلقا إذا زال العيب بعيد . إذ لا بد من حد يرد فيه . ثم وجدته في النظم قال " إذا زال سريعا " فحمدت الله على موافقة ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية