الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5962 ) فصل : وإن قال لامرأتيه : إذا حضتما حيضة واحدة ، فأنتما طالقتان . لم تطلق واحدة منهما حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة واحدة ، ويكون التقدير : إن حاضت كل واحدة منكما حيضة واحدة ، فأنتما طالقتان . كقول الله تعالى : { فاجلدوهم ثمانين جلدة } . أي : اجلدوا كل واحد منهم ثمانين ويحتمل أن يتعلق الطلاق بحيض إحداهما حيضة ; لأنه لما تعذر وجود الفعل منهما ، وجبت إضافته إلى إحداهما ، كقوله تعالى { : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } . وإنما يخرج من أحدهما . وقال القاضي : يلغو قوله : حيضة واحدة ; لأن حيضة واحدة من امرأتين محال ، فيبقى كأنه قال : إن حضتما فأنتما طالقتان .

                                                                                                                                            وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ، والوجه الآخر ، لا تنعقد هذه الصفة ; لأنها مستحيلة ، فتصير كتعليق الطلاق بالمستحيلات . والوجه الأول أولى ; لأن فيه تصحيح كلام المكلف بحمله على محمل سائغ ، وتبعيد لوقوع الطلاق ، واليقين بقاء النكاح ، فلا يزول حتى يوجد ما يقع به الطلاق يقينا ، وغير هذا الوجه لا يحصل به اليقين . فإن أراد بكلامه أحد هذه الوجوه ، حمل عليه ، وإذا ادعى ذلك ، قبل منه . وإذا قال : أردت أن تكون الحيضة الواحدة منهما ، فهو تعليق للطلاق بمستحيل ، فيحتمل أن يلغو قوله : حيضة . ويحتمل أن لا يقع الطلاق ; لأن هذه الصفة لا توجد ، فلا يوجد ما علق عليها ، ويحتمل أن يقع الطلاق في الحال ، ويلغو الشرط ، بناء على ما ذكرناه في تعليق الطلاق على المستحيل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية