الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولقد حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا المبارك بن سعيد الثوري، قال: كان يقال: خمس خلال هن أقبح شيء بمن كن فيه: الحدة في السلطان، والكبر في ذي الحسب، والبخل في الغني، والحرص في العالم، والفتوة في الشيخ.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : رؤساء القوم أعظمهم هموما، وأدومهم غموما، وأشغلهم قلوبا، وأشهرهم عيوبا، وأكثرهم عدوا، وأشدهم أحزانا، وأنكاهم أشجانا، وأكثرهم في القيامة حسابا، وأشدهم - إن لم يعف الله عنهم - عذابا.

ومن أحسن ما يستعين به السلطان على أسبابه اتخاذ وزير عفيف ناصح، على ما تقدم ذكرنا له، فإن الوزير إذا غفل الأمير ذكره، وإن ذكر أعانه، وإن سولت له نفسه سيئة صده، وإن أراد طاعة نشطه، فهو المحبب له إلى الناس، والمستجلب له دعاءهم.

ولقد أنشدني علي بن محمد البسامي:


إذا نسي الأمير قضاء حق فإن الذنب فيه للوزير     لأن على الوزير إذا تولى
أمور الناس تذكير الأمير



قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : الواجب على كل من يغشى السلطان، وامتحن [ ص: 276 ] بصحبته أن لا يعد شتمه شتما، ولا إغلاظه إغلاظا، ولا التقصير في حقه ذنبا؛ لأن ريح العزة بسطت لسانه ويده بالغلظة، فإن أنزله الوالي منزلة رفيعة من نفسه فلا يثقن بها، وليجانب معه كلام الملق، والإكثار من الدعاء في كل وقت، وكثرة الانبساط، فرب كلمة أثارت الوحشة، بل يجتهد في توقيره، وتعظيمه عند الناس، فإن غضب فليحتل في تسكين غضبه باللين والمداراة، ولا يكون سببا لتهييجه.

التالي السابق


الخدمات العلمية