الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أخبرنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابن عائشة ، حدثنا دريد بن مجاشع ، عن غالب القطان ، عن مالك بن دينار عن الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب " يا أحنف، من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه ".

وأنشدني الأبرش :


ما ذل ذو صمت، وما من مكثر إلا يزل، وما يعاب صموت     إن كان منطق ناطق من فضة
فالصمت در زانه الياقوت



[ ص: 45 ] أنبأنا ابن قتيبة ، حدثنا المسيب بن واضح قال: سمعت علي بن بكار يقول " جعل الله لكل شيء بابين، وجعل للسان أربعة: الشفتين مصراعين والأسنان مصراعين ".

أنبأنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا نصر بن علي الجهضمي أنبأنا محمد بن يزيد بن خنيس عن وهيب بن الورد " أن شابا كان يحضر مجلس عمر بن الخطاب، ويحسن الاستماع، ثم ينصرف من قبل أن يتكلم، ففطن له عمر، فقال له: إنك تحضر مجلسنا، وتحسن الاستماع، ثم تنصرف من قبل أن تتكلم، فقال الشاب: إني أحضر فأتوقى وأتنقى، وأصمت فأسلم ".

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : الواجب على العاقل أن ينصف أذنيه من فيه، ويعلم أنه إنما جعلت له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول، لأنه إذا قال ربما ندم، وإن لم يقل لم يندم، وهو على رد ما لم يقل أقدر منه على رد ما قال، والكلمة إذا تكلم بها ملكته، وإن لم يتكلم بها ملكها، والعجب ممن يتكلم بالكلمة، إن هي رفعت ربما ضرته، وإن لم ترفع لم تضره، كيف لا يصمت؟ ورب كلمة سلبت نعمة! ".

أخبرنا أحمد بن قريش بن عبد العزيز ، حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي قال: أنشدني رجل من ربيعة :


لعمرك ما شيء علمت مكانه     أحق بسجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك شأنه     بقفل وثيق ما استطعت فأقفل
فرب كلام قد جرى من ممازح     فساق إليه سهم حتف معجل
وللصمت خير من كلام بمأثم     فكن صامتا تسلم، وإن قلت فاعدل



التالي السابق


الخدمات العلمية