الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أنبأنا القطان بالرقة حدثنا نوح بن حبيب ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن منصور عن ربعي قالوا " من ذكرت يا أبا سفيان؟ قال: ذكرت ربعيا، وتدرون من كان ربعي؟ كان رجلا من أشجع زعم قومه أنه لم يكذب قط، فسعى به ساع إلى الحجاج، فقال: هاهنا رجل من أشجع، زعم قومه أنه لم يكذب قط، وأنه يكذب لك اليوم، فإنك ضربت على ابنيه البعث فعصيا، وهما في البيت، وكان عقوبة الحجاج للعاصي ضرب السيف، قال: فدعاه، فإذا شيخ منحن، فقال له: أنت ربعي؟ قال: نعم، قال: ما فعل ابناك؟ قال: ها هما ذان في البيت، قال: فحمله وكساه وأوصى به خيرا ".

أنبأنا عمرو بن محمد ، حدثنا الغلابي ، حدثنا عبيد الله بن محمد التميمي عن أبيه قال " كان عمر بن الخطاب بمنى فعطش، فانتهى إلى عجوز، فاستسقاها ماء، فقالت: ما عندنا، فقال: لبنا، فقالت: ما عندنا، فبدرت جارية، فقالت لها: تكذبين وما تستحين؟ ثم قالت لعمر: هذا السقاء فيه لبن، فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر، فزوجها منه، فولد له منها أم عاصم، فتزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له عمر بن عبد العزيز بن مروان، رحمة الله عليه! ".

قال أبو حاتم رضي الله عنه: الصدق يرفع المرء في الدارين، كما أن الكذب يهوي به في الحالين، ولو لم يكن الصدق خصلة تحمد إلا أن المرء إذا عرف به قبل كذبه، وصار صدقا عند من يسمعه - لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه، حتى يستقيم له على الصدق ومجانبة الكذب والعي في بعض الأوقات خير من النطق، لأن كل كلام أخطأ صاحبه موضعه فالعي خير منه.

[ ص: 55 ] أنشدني المنتصر بن بلال:


تحدث بصدق إن تحدثت، وليكن لكل حديث من حديثك حين     فما القول إلا كالثياب، فبعضها
عليك، وبعض في التخوت مصون



وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش :


كم من حسيب كريم كان ذا شرف     قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا
وآخر، كان صعلوكا، فشرفه     صدق الحديث وقول جانب الفندا
فصار هذا شريفا فوق صاحبه     وصار هذا وضيعا تحته أبدا



التالي السابق


الخدمات العلمية