الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
688 [ 461 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، إلا أنه قال: "فهو يوسعها ولا تتوسع . .

التالي السابق


الشرح

الحسن: هو ابن مسلم بن يناق المكي.

سمع: مجاهدا، وطاوسا، وصفية بنت شيبة.

روى عنه: عمرو بن مرة، وابن جريج، وإبراهيم بن نافع المخزومي .

والحديث صحيح أخرجه البخاري عن موسى عن وهيب عن ابن طاوس عن أبيه، وعن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد، وأخرجه مسلم عن عمرو الناقد بالإسنادين المذكورين في الكتاب.

[ ص: 169 ] وقوله: "جنتان أو جبتان" إشارة إلى اختلاف الرواة في الكلمتين; وحكى البخاري في الصحيح رواية ابن طاوس عن أبيه بالباء، وكذا رواية أبي الزناد، وكذا حكاه عن الحسن بن مسلم عن طاوس وذكر أن حنظلة رواه عن طاوس بالنون، وكذلك رواه الليث عن جعفر عن ابن هرمز -وهو الأعرج- عن أبي هريرة، والنون أكثر وأصوب، وفي بعض الروايات جنتان من حديد والجنة: الدرع، وما يستر الشيء فهو جنة، والجبة: ما قطع من الثياب مشمرا.

وقوله: "من لدن ثدييهما كذلك هو في بعض الروايات، وفي بعض الروايات: ثديهما وهو جمع ثدي، كحلي وحلي، وقد يقرآن: ثديهما على الواحد، ويروى: من لدن يديهما ويستحسنه مستحسنون واستشهدوا له بما في رواية أبي أيوب الغيلاني في صحيح مسلم: "قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما".

وقوله: "سبغت ... أو مرت" كأنه من اختلاف الرواة أو من تردد بعض الرواة في اللفظين.

وقوله: "تجن بنانه" أي: تستر وتغطي، يقال: جن عليه الليل وجنه وأجنه إذا أظلم عليه فستره، وفي بعض روايات البخاري: "حتى تخفي بنانه" والمشهور الأول.

وقوله: "ويعفو أثره" أي: يمحوه ويذهب لسبوغها، يقال: عفت الريح الأثر، أي: محته.

وقوله: "قلصت" أي: انضمت وانقبضت.

وهذا مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - للمنفق والبخيل، وأوضحه الإمام الخطابي رحمه الله فقال: الدرع أول ما يلبس يقع على موضع الصدر والثديين إلى أن يسلك لابسها يده في الكمين ويرسل ذيلها على أسفل بدنه، يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - المنفق بالسليم المطلق اليد يلبس الدرع ويدخل [ ص: 170 ] يديه في كميه، فإذا كانت سابغة سقطت عليه وستر جميع بدنه وحضنيه، وشبه البخيل بالذي يلبس ويداه مغلولتان إلى عنقه فيمنعان من استرسال الدرع، وتجتمع على عنقه وترقوته وتصير ثقلا ووبالا عليه من غير وقاية وتحصين للبدن.

ومقصود المثل أن الجواد ينفق ويتسع صدره للنفقة وتمتد يداه بالعطاء وينتفع بحمده وثوابه، والبخيل يضيق صدره وتنقبض يداه ولا ينتفع بما يعطيه.

وفي الحديث بيان استحباب الإنفاق وكراهية الإمساك.




الخدمات العلمية