الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
900 [ 649 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء أن عثمان بن عبيد الله بن حميد قتل ابن له حمامة، فجاء ابن عباس فقال ذلك له، فقال ابن عباس: تذبح شاة فتتصدق بها، قال ابن جريج: فقلت لعطاء: أمن حمام مكة؟ قال: نعم .

التالي السابق


الشرح

عبد الله: هو ابن كثير بن المطلب القرشي المكي، من بني عبد الدار، كان يقص بمكة. سمع: مجاهدا، وسمع منه: ابن جريج، ورآه ابن عيينة في صغره وسمع قصصه، مات سنة عشرين ومائة .

وطلحة بن أبي خصفة حضرمي [ ص: 375 ] .

روى عنه: عبد الله بن كثير، وروى هو عن: ابن عمر .

ونافع بن عبد الحارث الخزاعي يعد فيمن له صحبة، كان عامل عمر رضي الله عنه على مكة.

روى عنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيره .

وعثمان بن عبيد الله بن حميد أحد التابعين، وسمى بعضهم أباه عبد الله.

والمقصود أنه يجب في الحمام شاة، روي ذلك عن عمر وعثمان ونافع بن عبد الحارث وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وغيرهم.

واختلف أصحابنا في أنهم بنوا ذلك على ماذا؟

فأحد الوجهين: أنهم بنوه على ما بينهما من المشابهة; وذلك أن كلا منهما يألف البيوت ويستأنس به.

وأصحهما: أنهم بنوه على نقل بلغهم فيه.

وقوله: "فألقى رداءه على واقف في البيت" رأيت بعضهم فسره بالخشبة الشاخصة، إما بالنصب في الأرض أو بالغرز في الحيطان، وهي الأوتاد.

وقوله: "فانتهزته حية" من انتهاز الفرصة وهو اغتنامها، أو من قولهم: نهزه إذا ضربه ودفعه.

وقوله: "فأطردته عنه" يقال: طرده أي أبعده ونفاه، وهو طريد ومطرود، وأطرده: صيره طريدا، وأطرده أيضا أمر بطرده [ ص: 376 ] .

وقوله: "من منزل كان فيه آمنا" في بعض النسخ: من منزلة كان فيها آمنا وهي بمعنى المنزل أيضا، ويوافقها قوله: إلى موقعة كان فيها حتفه.

والحتف: الموت، والجمع: الحتوف، وقولهم: مات حتف أنفه أي على فراشه، كأن أنفه أماته بقطع النفس، وفي الكلمة إشارة إلى أن تنفير الطائر سبب الضمان إذا هلك، وأثر التنفير باق حتى لو نفر طائرا تنفيرا أو أهلكه سبع أو انصدم بشجر ونحوه ومات; لزمه ضمانه، وإن هلك بعدما عاد إلى طبيعة السكون والاستقرار; فلا ضمان.

وقوله: ثنية عفراء؛ الأعفر: الذي لا يخلص ولا يشتد بياضه، وشاة عفراء: التي تعلوها حمرة; وكأن الحمامة التي هلكت كانت كذلك، فروعي مشابهة اللون.

وقوله: "فقلت لعطاء: أمن حمام مكة" بحث منه عن حال الواقعة، والحكم في حمام مكة وحمام غيرها إذا أتلفه المحرم واحد، وعن مالك أن الواجب في حمام الحرم: شاة، وفي حمام غير مكة: القيمة، والواجب فيما دون الحمام كالقنبرة والعصافير: القيمة، وفيما فوقه قولان للشافعي، والظاهر وجوب القيمة أيضا أخذا بالقياس.




الخدمات العلمية