الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
847 [ 566 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إسماعيل الذي يعرف بابن علية، أخبرني عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتزعفر الرجل .

التالي السابق


الشرح

عبد العزيز: هو ابن صهيب البناني البصري أبو حمزة، يقال أنه مولى أنس بن مالك.

روى عن: أنس، وأبي نضرة.

وروى عنه: شعبة، وعبد الوارث، وابن علية، وحماد بن زيد، [ ص: 289 ] وهشيم، وأبو عوانة .

والحديثان مودعان في الصحيحين: فالأول رواه البخاري عن أبي نعيم وأبي الوليد عن همام بن يحيى بن يحيى، ومسلم عن شيبان بن فروخ عن همام، وأخرجه مسلم أيضا عن ابن أبي عمر عن سفيان، والثاني رواه البخاري عن مسدد عن عبد الوارث عن عبد العزيز، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن إسماعيل بن علية.

وفي الحديث الأول دليل على أن من أحرم في مخيط ينعقد إحرامه وينبغي أن ينزعه، ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له: اخلع عنك هذه الجبة .

ويروى انزع واغسل أثر الخلوق أو قال: أثر الصفرة وفيه دليل على أنه لا يلزمه أن يشقه عليه خلافا لما روي عن إبراهيم النخعي، وأنه لا يمزق عليه خلافا لما روي عن الشعبي، واستدل به على أن المحرم إذا لبس أو تطيب جاهلا لا فدية عليه; لأن الرجل كان جاهلا بالحكم قريب العهد بالإسلام، ويشعر به ما في بعض الروايات أنه قال: إني أحرمت بالعمرة وإن الناس يسخرون مني ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفدية، والناسي كالجاهل; وأما في الإتلافات كالحلق [ ص: 290 ] والقلم وقتل الصيد فلا فرق بين الجاهل والناسي وغيرهما.

وقوله: فما كنت صانعا في حجك فاصنع في عمرتك يريد في اجتناب المحظورات لا في أعمال النسك، وذكر الشافعي في الأم أن من منع التطيب للإحرام بما يبقى أثره استروح إلى هذا الحديث، فإنه أخبر الرجل عن غسل الخلوق ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: ما كنت صانعا في حجك فاصنع في عمرتك وأيضا ففي بعض الروايات أنه قال: انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة وأجاب أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمره بغسل الخلوق; لأنه نهى عن التزعفر، وكذلك ترى حديث صفوان بن يعلى معقبا بحديث التزعفر، وبتقدير أن يكون الأمر بالغسل بما ذكره فإن ذلك كان عام الجعرانة وهو سنة ثمان، وتطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في حجة الإسلام سنة عشر فيكون ذلك ناسخا لما أمر به، وتسمية الجبة مقطعة يجوز أن يكون باعتبار أنها قطع مختلفة وهي الظهارة والبطانة والحشو.




الخدمات العلمية