الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( انتقلت إلى مسكن ) في البلد ( بإذن الزوج فوجبت العدة ) في أثناء الطريق بطلاق أو فسخ أو موت ( قبل وصولها إليه ) أي المسكن ( اعتدت فيه ) لا في الأول ( على النص ) في الأم لأنها مأمورة بالمقام فيه ممنوعة من الأول ، وقيل تعتد في الأول لأن الفرقة لم تحصل في الثاني ، وقيل تتخير بينهما ، أما إذا وجبت العدة بعد وصولها فتعتد فيه جزما والعبرة في النقلة ببدنها وإن لم تنقل الأمتعة والخدم وغيرهما من الأول حتى لو عادت لنقل متاعها أو خدمها فطلقها فيه اعتدت في الثاني ( أو ) انتقلت من الأول ( بغير إذن ) من الزوج فوجبت العدة ولو بعد وصولها إلى الثاني ولم يأذن لها في المقام فيه ( ففي الأول ) يلزمها الاعتداد وإن لم تجب العدة إلا بعد وصولها للثاني لعصيانها بذلك ، نعم إن أذن لها بعد الوصول إليه في المقام فيه كان كالنقلة بإذنه ( وكذا ) تعتد أيضا في الأول ( لو أذن ) لها في الانتقال منه ( ثم وجبت ) عليها ( قبل الخروج ) منه وإن بعثت أمتعتها وخدمها إلى الثاني لأنه المنزل الذي وجبت فيه العدة ( ولو أذن ) لها ( في الانتقال إلى بلد فكمسكن ) فيما ذكر .

                                                                                                                            قال الأذرعي وغيره : وقضية كلامهم أن ذلك مرتب على مجرد الخروج من البلد والمتجه اعتبار موضع الترخص ( أو ) أذن لها في ( سفر حج ) أو عمارة ( أو تجارة ) أو استحلال مظلمة أو نحوها ( ثم وجبت ) عليها العدة ( في ) أثناء ( الطريق ) ( فلها الرجوع ) إلى الأول ( والمضي ) في السفر لأن في قطعها عن السفر مشقة لا سيما إذا بعدت عن البلد وخافت الانقطاع عن الرفقة ، والأفضل لها الرجوع لتعتد في منزلها كما نقلاه عن الشيخ أبي حامد وأقراه وهي معتدة في سيرها ، وخرج بالطريق ما لو وجبت قبل الخروج من المنزل فلا تخرج قطعا ، وما لو وجبت فيه ولم تفارق عمران البلد فيجب العود في الأصح عند الجمهور كما في أصل الروضة إذ لم تشرع في السفر ( فإن مضت ) لمقصدها وبلغته ( أقامت ) فيه ( لقضاء حاجتها ) من غير زيادة عملا بحسب الحاجة وإن زادت إقامتها على مدة المسافرين كما شمله كلامهم ، وأفهم أنها لو انقضت قبل ثلاثة أيام امتنع عليها استكمالها وهو الأصح في زيادة الروضة وبه قطع في المحرر وإن اقتضى كلام الشرحين خلافه ( ثم ) بعد قضاء حاجتها ( يجب الرجوع ) حالا ( لتعتد البقية ) منها ( في المسكن ) الذي فارقته لأنه الأصل في ذلك .

                                                                                                                            فإن لم تمض اعتدت البقية في مسكنها ، وسواء في وجوب رجوعها أدركت شيئا منها فيه أم كانت تنقضي في الرجوع كما في الشرح والروضة لعدم إذنه في إقامتها وعودها مأذون فيه من جهته ، أما سفرها لنزهة أو زيارة ، أو سافر بها الزوج لحاجته فلا تزيد على مدة إقامة المسافرين ثم تعود ، فإن قدر لها مدة في نقله أو سفر حاجة أو في غيره كاعتكاف استوفتها [ ص: 159 ] وعادت لتمام العدة وإن انقضت في الطريق كما مر وتعصي بالتأخير بغير عذر كخوف في الطريق وعدم رفقة ، ولو جهل أمر سفرها بأن أذن لها ولم يذكر حاجة ولا نزهة ولا إقامة ولا رجوعا حمل على سفر النقلة كما قاله الروياني وغيره ، ولو أحرمت بحج أو قران بإذنه أو بغيره ثم طلقها أو مات وخافت فوته لضيق الوقت خرجت وجوبا وهي معتدة لتقدم الإحرام ، وإن أمنت الفوات لسعة الوقت جاز لها الخروج لذلك لما في تعيين التأخير من مصابرة الإحرام ، وإن أذن لها فيه ثم طلقها أو مات عنها قبله وقبل خروجها من البلد بطل الإذن فلا تسافر ، فإن أحرمت لم تخرج قبل انقضاء العدة وإن فات الحج ، فإذا انقضت عدتها أتمت نسكها إن بقي وقته وإلا تحللت بأعمال عمرة ولزمها القضاء ودم الفوات

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وجبت العدة بعد وصولها ) أي إلى الثاني ( قوله : مظلمة ) بكسر اللام اسم للظلم ، أما بالفتح فاسم لما ظلم به ا هـ مختار بالمعنى ( قوله : وما لو وجبت ) هذا علم من قوله قبل والمتجه اعتبار موضع الترخص ( قوله : وإن اقتضى كلام الشرحين خلافه ) أي وهو أنها تكملها ( قوله : وعودها ) أي بل وفيه قرب من المحل الذي كان حقها أن تعتد فيه ( قوله فلا تزيد على مدة إقامة المسافرين ) وهي أربعة [ ص: 159 ] أيام غير يومي الدخول والخروج ( قوله حمل على سفر النقلة ) أي فتعتد فيما سافرت إليه ( قوله : وإن أذن لها فيه ) أي الإحرام ( قوله : فلا تسافر ) أي لا يجوز لها ذلك



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 158 ] قوله : والأفضل لها الرجوع ) هذا شامل كما ترى لما إذا كان السفر لاستحلال أو لحج ولو مضيقا وفي جواز الرجوع حينئذ فضلا عن أفضليته مع عدم المانع من المضي نظر لا يخفى ( قوله : وما لو وجبت فيه إلخ . ) كان المراد [ ص: 159 ] أنها إذا وجبت في الطريق ولم تفارق العمران تعتد في المنزل فليراجع ( قوله : لما في تعيين التأخير من مشقة مصابرة الإحرام ) هذا لا يظهر في الحج والقران اللذين الكلام فيهما كما لا يخفى ، وهو تابع في هذا لشرح الروض ، لكن ذاك جعل أصل المسألة الإحرام بالحج أو غيره فصح له ذلك ، وانظر لم قيد الشارح بالحج أو القران




                                                                                                                            الخدمات العلمية