الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( تعاقب سببا هلاك فعلى الأول ) أي هو أو عاقلته الضمان ; لأنه المهلك بنفسه أو بواسطة الثاني ( بأن حفر ) واحد بئرا عدوانا كما في المحرر ; إذ غير العدوان يعلم بالأولى ( وضع آخر ) أهلا للضمان قبل الحفر أو بعده ( حجرا ) وضعا ( عدوانا ) نعت لمصدر محذوف كما قررناه أو حال بتأويله بمتعديا ( فعثر به ) بضم أوله ( ووقع ) العاثر ( بها ) فهلك ( فعلى الواضع ) الذي هو السبب الأول ; إذ المراد به الملاقي للتلف أولا لا المفعول أولا ; لأن التعثر هو الذي أوقعه فكأن واضعه أخذه ورداه فيها ، أما إذا لم يكن الواضع أهلا فسيأتي ( فإن لم يتعد الواضع ) الأهل بأن وضعه بملكه وحفر آخر عدوانا قبله أو بعده فعثر شخص ووقع بها ( فالمنقول تضمين الحافر ) ; لأنه المتعدي ، وفارق حصول الحجر على طرفها بنحو سبع أو حربي أو سيل بأن الواضع هنا أهل للضمان في الجملة فإذا سقط عنه لانتفاء تعديه تعين شريكه ، بخلاف السيل ونحوه فإنه غير أهل للضمان أصلا فسقط الضمان بالكلية ، ولا ينافي كلام المصنف ما لو حفر بئرا بملكه ووضع آخر فيها سكينا فإنه لا ضمان على أحد ، أما المالك فظاهر ، وأما الواضع فلأن السقوط في البئر هو المفضي للسقوط على السكين فكان الحافر كالمباشر والآخر كالمتسبب فلا حاجة إلى الجواب بحمل ما هنا على تعدي الواقع بمروره أو كان الناصب غير متعد .

                                                                                                                            نعم قد تشكل مسألة السيل ونحوه بقول الماوردي لو برزت بقلة في الأرض فتعثر بها مار وسقط على حديدة منصوبة بغير حق فالضمان على واضع الحديدة .

                                                                                                                            وأجيب بأن هذا شاذ غير معمول به أو بأن البقلة لما كانت بعيدة التأثير في القتل فزال أثرها بخلاف الحجر ، ولو كان بيده سكين فألقى رجل رجلا عليها فهلك ضمنه الملقي لا صاحب السكين إلا إن تلقاه بها ، ولو وقفا على بئر فدفع أحدهما صاحبه فلما هوى جذب معه الدافع فسقطا فماتا ، فإن جذبه طمعا في التخلص وكانت الحال توجب ذلك فهما ضامنان خلافا للصيمري ، وإن جذبه لا لذلك بل لإتلاف المجذوب ولا طريق له إلا خلاص نفسه بمثل ذلك فكذلك كما لو [ ص: 361 ] تجارحا وماتا ولا يقبل قول كل قصدت الدفع

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو تعاقب سببا هلاك ) لعله أراد بالسبب ما له مدخل ; لأن الحفر شرط لا سبب اصطلاحي ا هـ سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : هو ) أي إن كان التالف مالا ، وقوله أو عاقلته : أي إن كان التالف نفسا

                                                                                                                            ( قوله : فعثر ) هو بفتح الثاء وضمها وكسرها والأشهر الأول ومضارعه مثله ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            وهو ضبط له مبنيا للفاعل كما هو ظاهر

                                                                                                                            ( قوله : ووضع آخر ) أي ولو تعديا كما يأتي ، وقوله فيها سكينا : أي وتردى بها شخص ومات ، وقوله فإنه لا ضمان على أحد : أي ويكون الواقع هدرا ( قوله : غير معمول به ) أي فلا ضمان على واضع الحديدة وهذا هو المعتمد ( قوله إلا إن تلقاه ) أي فإن تلقاه فالضمان عليه فقط

                                                                                                                            ( قوله : فهما ضامنان ) أي على كل واحد منهما نصف دية الآخر كالمصطدمين

                                                                                                                            ( قوله : بل لإتلاف المجذوب ) أي ويعلم ذلك بالقرينة ، فإن لم تكن قرينة [ ص: 361 ] واختلف وارثاهما فينبغي تصديق ورثة الجاذب ; لأن الظاهر من حالته أنه قصد خلاص نفسه ، وقوله : بمثل ذلك : أي الجذب ( قوله : ولا يقبل قول كل ) أي بأن قالاه قبل الموت



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : عدوانا كما في المحرر ) عبارة التحفة : عدوانا أو لا ، لكن قوله الآتي فإن لم يتعذر إلخ . يدل على أن قوله عدوانا راجع لهذا أيضا وهو ما في أصله ، ولا محذور فيه لأن غير العدوان يفهم بالأولى انتهت ( قوله : طمعا في التخلص وكانت الحال توجب ذلك ) هذان قيدان لعدم الضمان لا للضمان الذي يوهمه كلام الشارح .

                                                                                                                            والحاصل أن الصيمري يقول بعدم الضمان بهذين القيدين والشارح يختار الضمان ولو مع القيدين ، فكان ينبغي أن يأخذهما غاية بعد قوله فهما ضامنان [ ص: 361 ] قوله : ولا يقبل قول كل قصدت الدفع ) أي في المقيس عليه أعني ما لو تجارحا وماتا




                                                                                                                            الخدمات العلمية