الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن ) ( قال أعتقه عني على كذا ) كألف أو زق خمر ( ففعل ) فورا ( عتق عن الطالب ) وأجزأه عن كفارة عليه نواها به لتضمن ما ذكر للبيع لتوقف العتق عنه على ملكه له ، فكأنه قال بعنيه بكذا وأعتقه عني فقال بعتك وأعتقته عنك ( وعليه العوض ) المسمى إن ملكه وإلا فقيمة العبد كالخلع ، فإن قال مجانا لم يلزمه شيء ، فإن سكتا عن العوض لزمه قيمته على الأصح إن صرح بعن كفارتي أو عني وكان عليه عتق ولم يقصد المعتق العتق عن نفسه كما لو قال له اقض ديني وإلا فلا ، نعم لو قال ذلك لمالك بعضه عتق عنه بالعوض ولا يجزئه عنها لأنه بملكه له استحق العتق بالقرابة ( و الأصح أنه ) أي الطالب ( يملكه ) أي القن المطلوب إعتاقه ( عقب لفظ الإعتاق ) الواقع بعد الاستدعاء لأنه الناقل للملك ( ثم ) عقب ذلك ( يعتق عليه ) لتأخر العتق عن الملك فيقعان في زمنين لطيفين متصلين بلفظ الإعتاق بناء على ترتب الشرط على المشروط ، والثاني يحصل الملك والعتق معا بعد تمام اللفظ بناء على مقارنة الشرط للشروط : ولا فرق في نفوذ العتق بالعوض بين كون الرقيق مستأجرا أو مغصوبا لا يقدر على انتزاعه لأن البيع في ذلك ضمني ، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في [ ص: 98 ] المستقل ، فلو قال لغيره أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من حنطة عن كفارتي ونواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح ، ولا يختص بالمجلس ، والكسوة كالإطعام قاله الخوارزمي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لتضمن ما ذكر للبيع ) هذا لا يتأتى فيما لو قال أعتقه على زق خمر بل يقتضي عدم الإجزاء فيه لفساد البيع بفساد الثمن فليتأمل ( قوله : إن ملكه ) أي العوض بأن كان ماله وإلا بأن كان مغصوبا أو خمرا فقيمة إلخ ( قوله : نعم لو قال ذلك ) أي أعتقه عني ( قوله لمالك بعضه ) أي من أصل أو فرع ( قوله : ولا يجزئه عنها ) أي الكفارة ( قوله : عقب لفظ الإعتاق ) هذا يعارضه ما مر أول البيع من أن الصيغة مقدرة ، فإذا قال الطالب أعتق عبدك عني بكذا فأجابه بقوله أعتقته عنك كان بمنزلة أن يقول المشتري بعني عبدك بكذا وأعتقه عني وأن يقول البائع بعتكه وأعتقته عنك وهذا يقتضي حصول الملك عقب بعتكه أو مقارنا له وكلاهما يقتضي تقدم الملك على العتق لا تأخره ( قوله بين كون الرقيق مستأجرا ) يتأمل ذكره ، فإن الإجارة على الأصح ليست مانعة من صحة البيع الغير الضمني ، ولعل [ ص: 98 ] فائدته الإشارة إلى صحة إعتاقه وإن قلنا ببطلان بيعه ( قوله أجزأه في الأصح ) أي ولزمه المسمى إن ذكره وإلا فبدل الأمداد كما لو قال اقض ديني ففعل ( قوله : ولا يختص بالمجلس ) أي الإطعام هذا قد يشكل بما مر من عدم إعتاقه عن الطالب فيما لو قال أعتق عبدك على كذا فلم يجبه فورا ، إلا أن يقال : إن الإطعام يشبه الإباحة فاغتفر فيه عدم الفور والإعتاق عن الغير يستدعي حصول الولاء له فاعتبرت فيه شروط البيع ليمكن الملك فيه ( قوله والكسوة كالإطعام ) هذا مخالف لما قدمه في أول البيع من أن البيع الضمني لا يأتي في غير الإعتاق ، وعبارته ثم : وهل يأتي : أي البيع الضمني في غير العتق كتصدق بدارك عني على ألف بجامع أن كلا قربة ، أو يفرق بأن تشوف الشارع إلى العتق أكثر فلا يقاس غيره به ؟ كل محتمل ، وميل كلامهم إلى الثاني أكثر ا هـ . وقد يجاب بما مر من أن الإطعام كالإباحة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية