الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والمذهب أن في الأذنين ) قطعا أو قلعا للسميع والأصم ( دية ) كدية المجني عليه وكذا في كل ما يأتي ( لا حكومة ) لخبر عمرو بن حزم { وفي الأذن خمسون من الإبل } وعن عمر وعلي " وفي الأذنين الدية " ولأن فيهما مع الجمال منفعتين : جمع الصوت ليتأدى إلى محل السماع ، ومنع دخول الماء ، بل ودفع الهوام ; لأن صاحبهما يحس بسبب معاطفهما بدبيب الهوام فيطردها ، وهذه هي المنفعة المعتبرة في إيجاب الدية ، والمنفي وهو الحكومة وجه أو قول مخرج بأن السمع لا يحلهما وليس فيهما منفعة ظاهرة ( و ) في ( بعض ) ويصح رفعه منهما أو من أحدهما ( بقسطه ) منها لأن [ ص: 326 ] ما وجبت فيه الدية يجب في بعضه قسطه منها والبعض صادق بواحد ففيها النصف وببعضها ويقدر بالمساحة ( ولو ) ( أيبسهما ) بالجناية ( فدية ) فيهما لإبطال منفعتهما المقصودة من دفع الهوام لزوال الإحساس ( وفي قول حكومة ) لبقاء جمع الصوت ومنع دخول الماء وهما مقصودان أيضا ويرد بأن الأولى أقوى وآكد فكانا بالنسبة إليها كالتابعين ( ولوقطع يابستين ) وإن كان يبسهما أصليا ( فحكومة ) كقطع يد شلاء أو جفن أو أنف استحشف ، ولا ينافيه ما مر من قطع صحيحة بيابسة ; لأن ملحظ القود التماثل ، وهما متماثلان كما مر ( وفي قول دية ) لإزالة تلك المنفعتين العظيمتين ، ولو أوضح مع قطع الأذن وجب دية موضحة أيضا ; إذ لا يتبع مقدر مقدر عضو آخر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كدية المجني عليه ) وهي مختلفة فيه كما تقدم [ ص: 326 ] قوله : ويقدر بالمساحة ) فيه تأمل بل الظاهر التقدير بالجزئية فإذا كان المقطوع ربع الأذن وجب ثمن الدية فلعل هذا هو المراد بالمساحة إذ لا يظهر بين الجزئية والمساحة هنا فرق ، فإن معنى المساحة أنه يعتبر قدر المقطوع وينسب إلى الأذن بكمالها ، ويؤخذ من الأرش بمثل تلك النسبة ومتى قدر ذلك لزم أن يكون ربعا أو نصفا أو غيرهما وهذا هو عين الجزئية ، وإنما فرقوا بينهما في القصاص لأن المقابلة ثم تعتبر بين أذن الجاني والمجني عليه فقد تكون أذن المجني عليه كبيرة ، فإذا أتت الجناية على نصفها وأخذ بمقداره من أذن الجاني ربما كان النصف من المجني عليه بقدر أذن الجاني بتمامها فيؤخذ عضو ببعض عضو وهو ممنوع

                                                                                                                            ( قوله : ويرد بأن الأولى ) هي دفع الهوام

                                                                                                                            ( قوله : وهما متماثلان ) يشكل عليه أن اليد الصحيحة لا تقطع بالشلاء مع أن صورتهما واحدة

                                                                                                                            ( قوله : تلك ) الأولى تينك

                                                                                                                            ( قوله : إذ لا يتبع مقدر إلخ ) يعني أنه إذا جني على عضو واتصلت جنايته بغير محله ، فإن كان لما اتصلت به الجناية أرش مقدر كالموضحة وجب أرشه زيادة على دية محل الجناية ، وإن لم يكن له مقدر لا يجب له شيء بل تندرج حكومته في دية العضو المجني عليه كالأهداب مع الأجفان وكقصبة الأنف مع المارن والكف مع الأصابع ، لكن هذا يشكل بما لو قطع يده من الساعد فإنه تجب دية الكف ، وحكومة المقطوع من الساعد مع أن المقطوع من الساعد لا مقدر له ، اللهم إلا أن يقال : إن محل سقوط غير المقدر إذا لم يباشر محله بالجناية كما لو قطع الكف فتأكل الساعد فإنه لا يجب فيه شيء ، بخلاف ما لو قطع من الساعد فإن الجناية لما باشرته أوجبت الضمان تغليظا عليه بالجناية في نفس محله



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وجه أو قول مخرج بأن السمع إلخ . ) كذا في النسخ ، ولعله سقط من النسخ لفظ وجه : أي بصيغة الفعل المبني للمجهول من التوجيه قبل قوله بأن [ ص: 326 ] السمع كما هو كذلك في شرح الجلال ( قوله : ويقدر بالمساحة ) الضمير في يقدر للبعض : أي ويقدر البعض بالمساحة بأن تعرف نسبة المقطوع من الباقي بالمساحة إذ لا طريق لمعرفته سواها ، فإن كان نصفا مثلا قطع من أذن الجاني نصفها ، فالمساحة هنا توصل إلى معرفة الجزئية ، بخلافها فيما مر في الموضحة فإنها توصل إلى مقدار الجرح من كونه قيراطا مثلا أو قيراطين ليوضح من الجاني بهذا المقدار وهذا ظاهر ، وإن توقف الشيخ في حاشيته فيه وأطال فيه القول




                                                                                                                            الخدمات العلمية