الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( رماه إلى خارج حرز ) من نقب أو باب أو فوق جدار ولو إلى حرز آخر لغير المالك أو إلى نار فأحرقته على الأصح وإن رماه لها عالم بالحال سواء أخذه غيره أم لا تلف بالرمي أم لا ( أو ) ( وضعه بماء جار ) فأخرجه منه أو راكد وحركه [ ص: 459 ] حتى أخرجه منه ، بخلاف ما إذا لم يحركه ، وإنما طرأ عليه نحو سيل أو حركه غيره فيقطع المحرك ( أو ) ( ظهر دابة سائرة ) أو سيرها حتى أخرجته منه وحذف هذه من أصله لفهمها مما ذكره بالأولى ( أو ) ( عرضه لنحو ريح هابة ) حالة التعريض فلا اعتبار بهبوبها بعد ذلك ( فأخرجته ) منه ( قطع ) وإن لم يأخذه أو أخذه آخر قبل وصوله الأرض ; لأن الإخراج حصل في الجميع بفعله فهو منسوب له .

                                                                                                                            لا يقال : تنكيره الحرز مخالف لأصله فهو غير جيد لإيهامه أنه لو أخرج نقدا من صندوقه للبيت فتلف أو أخذه غيره أنه يقطع وليس كذلك ; لأنا نقول بمنعه ; لأنه إن كان البيت حرزا للنقد فلم يخرجه إلى خارج حرز أو غير حرز صدق عليه أنه أخرجه إلى خارج الحرز فلم يفترق الحال بين التعريف والتنكير ، والقول بأن التنكير يفيد أنه لا بد من إخراجه إلى مضيعة ليست حرزا لشيء ، بخلاف التعريف ممنوع ; لأن أل في الحرز للعهد الشرعي فهما متساويان ، ومر أنه لو أتلف نصابا فأكثر في الحرز لم يقطع وإن اجتمع بعد ذلك مما على بدنه من نحو طيب ما يبلغ نصابا خلافا للبلقيني ، أو بلع جوهرة فيه وخرجت منه [ ص: 460 ] خارجه وبلغت قيمتها نصابا حالة الإخراج قطع ( أو ) وضعه بظهر دابة ( واقفة فمشت بوضعه ) ومثله كما هو ظاهر ما لو مشت لإشارته بنحو حشيش ( فلا ) قطع ( في الأصح ) ; لأنه إذا لم يسقها مشت باختيارها ، وقول البلقيني إن محل ذلك حيث لم يستول عليها والباب مفتوح ، كأن استولى عليها وهو مغلق ففتحه لها قطع ; لأنها صارت تحت يده من حين الاستيلاء ، ولما فتح الباب وهي تحمله فخرجت كان الإخراج منسوبا له .

                                                                                                                            قال : وقضية هذا أنها لو كانت تحت يده بحق فخرجت وهو معها قطع ; لأن فعلها منسوب إليه ولذا ضمن متلفها انتهى مردود بأن الضمان يكفي فيه مجرد السبب ، بخلاف القطع فتوقف على تسييرها حقيقة لا حكما ، والثاني يقطع ; لأن الخروج حصل بفعله ، ولا يتأتى الخروج في الماء الراكد إلا بتحريكه فإن حركه فخرج قطع .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو راكد ) ينبغي أن يكون [ ص: 459 ] مثله ما لو ألقاه في الراكد بشدة بحيث يتحرك عادة ويخرج بما فيه لشدة الإلقاء انتهى سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : أو سيرها ) مثله ما لو سارت بثقل الحمل بأن كان الحمل يوجب عادة تسييرها لنقله طب انتهى سم على منهج .

                                                                                                                            وقد يخالف هذا ما يأتي فيما رد به على البلقيني من أن الضمان يكفي فيه مجرد السبب ، بخلاف القطع فتوقف على تسييرها حقيقة لا حكما

                                                                                                                            ( قوله : فأخرجته منه قطع ) عمومه شامل لما لو أخذه المالك بعد خروجه من الحرز قبل الرفع للقاضي ولعله غير مراد لما يأتي من أن شرط القطع طلب المالك لماله وبعد أخذه ليس له ما يطالب به فتنبه له

                                                                                                                            ( قوله : لا يقال تنكيره الحرز مخالف لأصله ) أقول : قد يغير الاعتراض بحيث لا يدفعه الجواب المذكور ، وذلك ; لأن النكرة في الإثبات لا عموم لها ، فقوله : خارج حرز صادق بخارج الصندوق فقط والمفرد المحلى باللام للعموم ما لم يتحقق عهد كما في جمع الجوامع ، فقوله : خارج الحرز معناه كل حرز إذا لم يتحقق هنا عهد فليتأمل ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : أو بلع جوهرة ) عبارة الروض : وإن ابتلع جوهرة وخرج قطع إن خرجت منه ، وإن تضمخ بطيب وخرج لم يقطع ولو جمع من جسمه نصاب ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في شرح الروض : ولو أخرج شاة دون النصاب فتبعتها سخلتها أو أخرى وكمل بها النصاب [ ص: 460 ] لم يقطع لذلك : أي ; لأن لها اختيارا في السير والوقوف فيصير ذلك شبهة دارئة للقطع .

                                                                                                                            قال في الأصل : في دخول السخلة في ضمانه وجهان ا هـ .

                                                                                                                            والظاهر المنع ; لأنها سارت بنفسها ومثلها غيرها مما يتبع الشاة انتهى سم على منهج وكتب أيضا لطف الله به : ( قوله : أو بلع جوهرة ) : أي فيقطع كما يؤخذ من كلام حج ، وأيضا في نسخة صحيحة : فإن ابتلع جوهرة وهي أظهر

                                                                                                                            ( قوله : فمشت بوضعه ) أي بسببه فالباء سببية .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : سواء أخذه غيره أم لا إلخ . ) هذا بالنسبة لما قبل مسألة الإحراق [ ص: 459 ] قوله : فيقطع المحرك ) أي إن كان تحريكه لأجل إخراجه للسرقة كما هو ظاهر فليراجع ( قوله : فهو الأولى ) وهو بالواو إذا لم يتقدم قبله ما يتفرع عليه ( قوله : فتلف أو أخذه غيره ) لا دخل لهذا في الإشكال كما لا يخفى بل كان حذفه أبلغ في الإشكال ( قوله : فلم يخرجه إلى خارج حرز ) قال ابن قاسم : فيه بحث بل أخرجه إلى خارج حرز وهو الصندوق لأن لفظ حرز نكرة في الإثبات فلا عموم له ، وأخرجه إلى خارج الحرز المعهود وهو ما كان فيه فليتأمل . ا هـ .

                                                                                                                            ومراده بقوله وأخرجه إلى خارج الحرز المعهود إلخ . أن عبارة المصنف مساوية لعبارة أصله خلافا لما أفهمه كلام المعترض ( قوله : والقول بأن التنكير يفيد أنه لا بد إلخ . ) هذا الاعتراض ضد الاعتراض الأول ، وهو إنما يتأتى إن كان لفظ حرز في كلام المصنف للعموم مع أنه لا مسوغ له ( قوله : ممنوع لأن أل في الحرز للعهد الشرعي إلخ ) حاصل هذا الجواب كما لا يخفى تسليم ما قاله المعترض في التنكير الذي هو حاصل جوابه عن الاعتراض الأول وادعاء أن التعريف مثله يجعل أل للعهد الشرعي ، لكنه إنما يتم إن كان معنى العهد الشرعي هنا ما جعله الشرع حرزا في الجملة ولو لغير هذا ، أما إن كان معناه ما جعله الشرع حرزا لهذا كما هو ظاهر فلا مساواة [ ص: 460 ] قوله : حالة الإخراج ) يعني : حال الخروج من جوفه وهو كذلك في نسخة ( قوله : والباب مفتوح ) المناسب لما سيأتي أو الباب بألف قبل الواو ( قوله : ولا يتأتى الخروج في الماء الراكد إلخ . ) هذا مكرر مع ما قدمه في حل المتن وهو تابع في هذا للجلال وفيما مر لابن حجر وأحدهما يغني عن الآخر




                                                                                                                            الخدمات العلمية