الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( أما المريض غير مرض الموت ، أو مرضا غير مخوف . فعطاياه كعطايا الصحيح ، سواء . تصح في جميع ماله ) هذا المذهب . وعليه الأصحاب ، ولو مات به . وقال أبو الخطاب في الانتصار في التيمم حكمه حكم مرض الموت المخوف .

فائدة : لو لم يكن مرضه مخوفا حال التبرع ، ثم صار مخوفا : فمن رأس المال . حكاه السامري . واقتصر عليه الحارثي . اعتبارا بحال العطية .

تنبيه : مفهوم قوله ( وما قال عدلان من أهل الطب : إنه مخوف . فعطاياه كالوصية ) أنه لا يقبل في ذلك عدل واحد مطلقا . وهو صحيح . وهو المذهب . وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز ، والفائق ، والرعاية ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . [ ص: 166 ] وقدمه في الشرح ، والفروع . وقيل : يقبل واحد عند العدم . وهو قياس قول الخرقي . وذكر ابن رزين : المخوف عرفا ، أو بقول عدلين .

قوله ( فعطاياه كالوصية ، في أنها لا تجوز لوارث . ولا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث ، إلا بإجازة الورثة ، مثل الهبة والعتق والكتابة والمحاباة ) . يعني إذا مات من ذلك . أما إذا عوفي : فهذه العطايا كعطايا الصحيح .

تنبيه : تمثيله بالعتق مع غيره : يدل على أنه كغيره في أنه يعتبر من الثلث . وهو صحيح وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وخرج ابن عقيل ، والحلواني من مفلس رواية هنا بنفاذ عتقه من كل المال .

فائدتان : إحداهما : لو علق صحيح عتق عبده على شرط ، فوجد الشرط في مرضه . فالصحيح من المذهب : أن يكون من الثلث . قدمه في الفروع ، وغيره . واختاره أبو بكر ، وابن أبي موسى ، وغيرهما . وقيل : يكون من كل المال . وحكاهما القاضي في خلافه روايتين . ذكره في القاعدة السابعة عشر بعد المائة . ومحل الخلاف : إذا لم تكن الصفة واقعة باختيار المعلق . فإن كانت من فعله : فهو من الثلث بغير خلاف . الثانية : المحاباة لغير وارث : من الثلث كما قال المصنف . [ ص: 167 ] لكن لو حاباه في الكتابة : جاز . وكان من رأس المال . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وذكره القاضي في موضع من كلامه . وأبو الخطاب في رءوس المسائل . قال الحارثي : هذا المذهب عند جماعة . منهم القاضي أبو الحسين ، وأبو يعلى الصغير ، والمجد . وهو أصح . انتهى . وقيل : من الثلث . اختاره المصنف هنا ، والقاضي في المجرد ، وأبو الخطاب في الهداية ، والسامري في المستوعب .

قلت : وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . واختلف فيها كلام أبي الخطاب . وكذا حكم وصيته بكتابته . وإطلاقها يقتضي أن تكون بقيمته . قوله ( فأما الأمراض الممتدة كالسل ، والجذام ، والفالج في دوامه . فإن صار صاحبه صاحب فراش ، فهي مخوفة ) بلا نزاع . ( وإلا فلا )

يعني وإن لم يصر صاحبها صاحب فراش ، فعطاياه كعطايا الصحيح . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم . وصححه الزركشي ، وغيره . وقال أبو بكر في الشافي : فيه وجه آخر : أن عطيته من الثلث . وهو رواية . عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية