الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أوصى في أبواب البر : صرف في القرب ) . هذا المذهب . اختاره المصنف وغيره . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والفائق ، والنظم ، وغيرهم وقيل عنه : يصرف في أربع جهات : في أقاربه ، والمساكين ، والحج ، والجهاد . قال ابن منجا في شرحه : وهي المذهب . وقدمه في الهداية والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة . وقيد في الفائق وغيره الأقارب بالذين لا يرثون . وهو كما قال . وعنه : فداء الأسرى ، مكان الحج . ونقل المروذي فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر يجزأ ثلاثة أجزاء ، جزء في الحج ، وجزء في الجهاد ، وجزء يتصدق به في أقاربه . زاد في التبصرة : والمساكين . وعنه : يصرف في الجهاد ، والحج ، وفداء الأسرى . قال المصنف عن هذه الروايات وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد . بل يجوز صرفه في الجهات كلها . قال في الفروع : والأصح لا يجب ذلك .

وذكر القاضي ، وصاحب الترغيب : أن قوله " ضع ثلثي حيث أراك الله " أو " في سبيل البر والقربة " يصرفه لفقير ومسكين وجوبا . قلت : هذا ظاهر كلام كثير من الأصحاب . لحكايتهم الخلاف ، وإطلاقهم . [ ص: 237 ] فعلى المذهب : أفضل القرب الغزو . فيبدأ به . نص عليه . قال في الفروع : ويتوجه ما تقدم في أفضل الأعمال . يعني الذي حكاه من الخلاف في أول صلاة التطوع . وتقدم التنبيه على ذلك في الوقف فائدتان

إحداهما : لو قال " ضع ثلثي حيث أراك الله " فله صرفه في أي جهة من جهات القرب والأفضل : صرفه إلى فقراء أقاربه . فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع . فإن لم يجد فإلى جيرانه . وتقدم قريبا عن القاضي ، وصاحب الترغيب : وجوب الدفع إلى الفقراء والمساكين في هذه المسألة . الثانية : لا يشترط في صحة الوصية القربة . على الصحيح من المذهب . خلافا للشيخ تقي الدين رحمه الله فلهذا قال لو جعل الكفر أو الجهل شرطا في الاستحقاق : لم يصح . فلو وصى لأجهل الناس : لم يصح . وعلل في المغني الوصية لمسجد بأنه قربة . قال في الفروع : فدل على اشتراطها . وقال في الترغيب : تصح الوصية لعمارة قبور المشايخ والعلماء . وقال في التبصرة : إن أوصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة ، أو كتب التوراة لم يصح . ذكر ذلك في الفروع في أوائل كتاب الوقف .

التالي السابق


الخدمات العلمية