الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه ) ظاهره أنه ما جاز النهر إلا هو والمؤمنون ، وكذلك روي عن ابن عباس ، والسدي : أن الذين شربوا وخالفوا انحرفوا ، ولم يجاوزوا ، وقيل : بل كلهم جاوز لكن لم يحضر القتال إلا القليل .

( وجاوز ) فاعل فيه بمعنى فعل أي : جاز . والذين آمنوا معه : عدة أهل بدر وقال ابن عباس والسدي : جاز معه أربعة آلاف . قال ابن عباس : منهم من شرب ، قالا : فلما نظروا إلى جالوت وجنوده ، قالوا : لا طاقة لنا اليوم ، ورجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون ، وأكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلا غرفة . ومن لم يشرب جملة . ثم اختلفت بصائر هؤلاء ، فبعض كع ، وقليل صمم ، و ( هو ) توكيد للضمير المستكن في ( جاوزه ) ( والذين ) يحتمل أن يكون معطوفا على الضمير المستكن ، ويحتمل أن تكون الواو للحال ويلزم من الحال أن يكونوا جاوزوا معه ، والأظهر أن يكون للعطف ، وإدغام ( جاوزه ) في هو ضعيف ، ولا يستحسن إلا إن كانت الهاء مختلسة لا إمالة لها .

( قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) قائل ذلك الكفرة الذين انخزلوا ، وهو الفاعل في شربوا ، قاله ابن عباس والسدي . وقيل : من قلت بصيرته من المؤمنين ، وهم الذين جاوزوا النهر وهم القليل ، قاله الحسن وقتادة والزجاج . ( طاقة ) : من الطوق ، وهو القوة ، وهو من : أطاق ، كأطاع طاعة ، وأجاب جابة ، وأغار غارة . ويتعلق ( لنا ) بمحذوف إذ هو في موضع الخبر ، ولا يجوز أن يتعلق بطاقة ؛ لأنه كان يكون طاقة مطولا ، فيلزم تنوينه ، و ( اليوم ) منصوب بما تعلق به لنا ، و ( بجالوت ) متعلق به . وأجاز بعضهم أن يكون ( بجالوت ) ، في موضع الخبر ، وليس المعنى على ذلك . ( قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله ) يحتمل أن يكون الظن على بابه ، ومعنى ( ملاقو الله ) أي : يستشهدون في ذلك اليوم لعزمهم على صدق القتال ، وتصميمهم على لقاء أعدائهم ، كما جرى لعبد الله بن حزام في أحد وغيره ، قاله الزجاج في آخرين ، وقيل : ملاقو ثواب الله بسبب الطاعة ؛ لأن كل أحد لا يعلم عاقبة أمره فلا بد من أن يكون ظانا ، وقيل : ملاقو طاعة الله ؛ لأنه لا يقطع أن عمله هذا إطاعة ؛ لأنه ربما شابه شيء من الرياء والسمعة ، وقيل : ملاقو وعد الله إياهم بالنصر ؛ لأنه وإن كان مقطوعا به فهو مظنون في المرة الأولى ، ويحتمل أن يكون الظن بمعنى الإيقان ; أي : يوقنون بالبعث والرجوع إلى الله ، قاله السدي في آخرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية