الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ) ، التابوت : معروف وهو الصندوق ، وفي التابوت قولان : أحدهما : أن وزنه " فاعول " ، ولا يعرف له اشتقاق ، ولغة فيه التابوه ، بالهاء آخرا ، ويجوز أن تكون الهاء بدلا من التاء كما أبدلوها منها في الوقف في مثل " طلحة " ؛ فقالوا " طلحه " . ولا يجوز أن يكون " فعلوتا " كملكوت ، من : تاب يتوب ؛ لفقدان معنى الاشتقاق فيه . والقول الآخر : أنه فعلوت من التوب ، وهو الرجوع ؛ لأنه ظرف توضع فيه الأشياء وتودعه فلا يزال يرجع إليه ما يخرج منه ، وصاحبه يرجع إليه فيما يحتاج إليه من مودعاته ، قاله الزمخشري ، قال : ولا يكون " فاعولا " لقلة نحو : سلس ، وقلق ، ولأنه تركيب غير معروف فلا يجوز ترك المعروف إليه ، وأما بالهاء ففاعول إلا فيمن جعل هاءه بدلا من التاء ؛ لاجتماعهما في الهمس ، وأنهما من حروف الزيادة ؛ ولذلك أبدلت من تاء التأنيث . " السكينة " : فعيلة من السكون ، وهو الوقار ، تقول : في فلان سكينة ، أي : وقار وثبات . " هارون " : اسم أعجمي يمنع الصرف للعلمية والعجمة . " الجنود " : جمع جند ، وهو معروف ، واشتقاقه من الجند ، وهو : الغليظ من الأرض ؛ إذ بعضهم يعتصم ببعض . " الغرفة " : بضم الغين ، اسم للقدر المغترف من الماء ، كالأكلة للقدر الذي يؤكل ، وبفتح الغين مصدر للمرة الواحدة ، نحو : ضربت ضربة ، والاغتراف والغرف معروف ، والغرفة البناء العالي المشرف . جاوز وجاز المكان : قطعه . " جالوت " : اسم أعجمي ممنوع الصرف للعجمة والعلمية ، كان ملك العمالقة ، ويقال إن البربر من نسله . " الفئة " : القطعة من الناس ، وقيل : هو مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع ؛ فيكون المحذوف عين الكلمة ، أو من فأوت رأسه : كسرته ؛ فيكون المحذوف لام الكلمة ، قولا . غلب غلبا وغلبة : قهر ، والأغلب : القوي الغليظ ، والأنثى : غلبى . برز يبرز بروزا : ظهر ، وامرأة برزة : أخذ منها السن فلم تستر وجهها ، ومن ذلك البراز والمتبرز . " أفرغ " : صب ، وفرغ من كذا : خلا منه . " ثبت " : استقر ورسخ ، وثبته : أقره ومكنه بحيث لا يتزحزح . " القدم " : الرجل ، وهي مؤنثة ، تقول في تصغيرها : قديمة ، والاشتقاق في هذه الكلمة يرجع لمعنى التقدم . " هزم " : كسر الشيء ورد بعضه على بعض ، وتقول العرب : هزمت على زيد : عطفت عليه . قال الشاعر :


هزمت عليك اليوم يا ابنة مالك فجودي علينا بالنوال وأنعمي



" داود " : اسم أعجمي ، منع الصرف للعلمية والعجمة ، وهو هنا : أبو سليمان - على نبينا وعليهما السلام - وهو داود بن إيسا ، بكسر الهمزة ، ويقال داود بن زكريا بن ينوى ، من سبط يهود بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - على نبينا وعليهم السلام . " الدفع " : الصرف ، دفع يدفع دفعا ، ودافع مدافعة ودفاعا . ( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت ) ، ظاهر هذه الآية وما قبلها يدل على أنهم كانوا مقرين بنبوة هذا النبي الذي كان معهم ، ألا ترى إلى قولهم : ( ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ) . ولكن لما أخبرهم الله : [ ص: 261 ] بأن الله قد بعث لهم طالوت ملكا أراد أن يعلمهم بآية تدل على ملكه على سبيل التغبيط والتنبيه على هذه النعمة التي قرنها الله بملك طالوت وجعلها آية له ، وقال الطبري - وحكى معناه عن ابن عباس والسدي وابن زيد - : تعنت بنو إسرائيل وقالوا لنبيهم : وما آية ملك طالوت ؟ وذلك على وجه سؤال الدلالة على صدق نبيهم في قوله : ( إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ) وهذا القول أشبه من الأول بأخلاق بني إسرائيل وتكذيبهم وتعنتهم لأنبيائهم ، وقيل : خيرهم النبي في آية ، فاختاروا التابوت ، ولا يكون إتيان التابوت آية إلا إذا كان يقع على وجه يكون خارقا للعادة ، فيكون ذلك آية على صدق الدعوى ، فيحتمل أن يكون مجيئه هو المعجزة ، ويحتمل أن يكون ما فيه هو المعجز ، وهو سبب لاستقرار قلوبهم ، واطمئنان نفوسهم ; ونسبة الإتيان إلى التابوت مجاز ؛ لأن التابوت لا يأتي ، إنما يؤتى به ، كقوله : ( فإذا عزم الأمر ) ( فما ربحت تجارتهم ) . وقرأ الجمهور : ( التابوت ) بالتاء ; وقرأ أبي وزيد بالهاء ، وهي لغة الأنصار ، وقد تقدم الكلام في هذه الهاء أهي بدل من التاء أم أصل ؟ قال ابن عباس وابن السائب : كان التابوت من عود الشمشار ، وهو خشب تعمل منه الأمشاط ، وعليه صفائح الذهب ، وقيل : كانت الصفائح مموهة بالذهب ، وكان طوله ثلاثة أذرع في ذراعين ، وقد كثر القصص في هذا التابوت والاختلاف في أمره ، والذي يظهر أنه تابوت معروف حاله عند بني إسرائيل ، كانوا قد فقدوه وهو مشتمل على ما ذكره الله تعالى مما أبهم حاله ، ولم ينص على تعيين ما فيه ، وأن الملائكة تحمله ، ونحن نلم بشيء مما قاله المفسرون والمؤرخون على سبيل الإيجاز ، فذكروا : أن الله تعالى أنزل تابوتا على آدم فيه صور الأنبياء ، وبيوت بعددهم ، وآخره بيت محمد - صلى الله عليه وسلم - فتناقله بعده أولاده شيث فمن بعده إلى إبراهيم ، ثم كان عند إسماعيل ، ثم عند ابنه قيذار ، فنازعه إياه بنو عمه أولاد إسحاق ، وقالوا له : قد صرفت النبوة عنكم إلا هذا النور الواحد ، فامتنع عليهم ، وجاء يوما يفتحه فتعسر ، فناداه مناد من السماء : لا يفتحه إلا نبي ، فادفعه إلى ابن عمك يعقوب ، فحمله على ظهره إلى كنعان ، فدفعه ليعقوب ، فكان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى عليه السلام ، فوضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه ، ثم توارثها أنبياء بني إسرائيل إلى أن وصل إلى شمويل ، فكان فيه ما ذكره الله في كتابه . وقيل : اتخذ موسى التابوت ليجمع فيه رضاض الألواح .

والسكينة هي الطمأنينة ، ولما كانت حاصلة بإتيان التابوت ، جعل التابوت ظرفا لها ، وهذا من المجاز الحسن ، وهو تشبيه المعاني بالأجرام ، وجاء في حديث عمران بن حصين : أنه كان يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوطة ، فغشيته سحابة ، فجعلت تدور وتدنو ، وجعل فرسه ينفر منها ، فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال : " تلك السكينة تنزلت للقرآن " .

وفي حديث أسيد بن حضير : " بينما هو ليلة يقرأ في مربده " الحديث ، وفيه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " تلك الملائكة كانت تسمع لذلك ، ولو قرأت لأصبحت تراها الناس ما تستتر منهم " . فأخبر - صلى الله عليه وسلم - عن نزول السكينة مرة ، ومرة عن نزول الملائكة ، ودل حديث أسيد على أن نزول السكينة في حديث عمران هو على حذف مضاف ، أي : تلك أصحاب السكينة ، وهم الملائكة المخبر عنهم في حديث أسيد ، وجعلوا ذوي السكينة ؛ لأن إيمانهم في غاية الطمأنينة ، وطواعيتهم دائمة لا يعصون الله ما أمرهم ، وقد جاء في ( الصحيح ) : " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وحفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده " .

فنزول السكينة عليهم كناية عن التباسهم بطمأنينة الإيمان ، واستقرار ذلك في قلوبهم ؛ لأن من تلا كتاب الله وتدارسه يحصل له بالتدبر في معانيه ، والتفكر في أساليبه ، ما يطمئن إليه قلبه ، وتستقر له نفسه ، وكأنه كان قبل [ ص: 262 ] التلاوة له والدراسة خاليا من ذلك ، فحين تلا نزل ذلك عليه ، وقد قال بهذا المعنى بعض المفسرين ، قال قتادة : السكينة هنا الوقار . وقال عطاء : ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها ، وقال نحوه الزجاج .

وقال الزمخشري : التابوت صندوق التوراة ، كان موسى - عليه السلام - إذا قاتل قدمه فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون ، والسكينة : السكون والطمأنينة ، وذكر عن علي أن السكينة لها وجه كوجه الإنسان ، وهي ريح هفافة ، وقيل : السكينة صورة من زبرجد أو ياقوت ، لها رأس كرأس الهر وذنب كذنبه وجناحان ، فتئن فيزف التابوت نحو العدو ، وهم يمضون معه ، فإذا استقر ثبتت وسكنوا ، ونزل النصر . وقيل : السكينة بشارات من كتب الله المنزلة على موسى وهارون ومن بعدهما من الأنبياء ، فإن الله ينصر طالوت وجنوده ، ويقال : جعل تعالى سكينة بني إسرائيل في التابوت الذي فيه رضاض الألواح ، والعصا ، وآثار أصحاب نبوتهم ، وجعل تعالى سكينة هذه الأمة في قلوبهم ، وفرق بين مقر تداولته الأيدي ، قد فر مرة ، وغلب عليه مرة ، وبين مقر بين أصبعين من أصابع الرحمن .

وقرأ أبو السماك : ( سكينة ) ، بتشديد الكاف وارتفاع ( سكينة ) بقوله : فيه ، وهو في موضع الحال ، أي : كائنا فيه سكينة . و ( من ) لابتداء الغاية ، أي : كائنة من ربكم ، فهو في موضع الصفة ، أو متعلقا بما تعلق به قوله : ( فيه ) ويحتمل أن يكون للتبعيض على تقدير حذف مضاف ، أي : من سكينات ربكم .

والبقية ; قيل : رضاض الألواح التي تكسرت حين ألقاها موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قاله عكرمة . وقيل : عصا موسى ، قاله وهب ، وقيل : عصا موسى وهارون وثيابهما ، ولوحان من التوراة والمن ، قاله أبو صالح . وقيل : العلم والتوراة قاله مجاهد وعطاء . وقيل : رضاض الألواح وطست من ذهب وعصا موسى وعمامته ، قاله مقاتل . وقيل : قفيز من من ورضاض الألواح حكاه سفيان الثوري . وقيل : العصا والنعلان ، حكاه الثوري أيضا . وقيل : الجهاد في سبيل الله ، وبذلك أمروا ، قاله الضحاك . وقيل : التوراة ورضاض الألواح قاله السدي . وقيل : لوحان من التوراة ، وثياب موسى و هارون وعصواهما ، وكلمة الله : لا إله إلا الله الحكيم الكريم ، وسبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين . وقيل : عصا موسى وأمور من التوراة ، قاله الربيع . ويحتمل أن يكون مجموع ما ذكر في التابوت ، فأخبر كل قائل عن بعض ما فيه ، وانحصر بهذه الأقوال ما في التابوت من البقية . ( مما ترك ) في موضع الصفة لـ ( بقية ) و ( من ) للتبعيض ، و ( آل موسى وآل هارون ) هم من الأنبياء ، إليهما من قرابة أو شريعة ، والذي يظهر أن آل موسى وآل هارون هم الأنبياء الذين كانوا بعدهما ، فإنهم كانوا يتوارثون ذلك إلى أن فقد . ونذكر كيفية فقده إن شاء الله .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد مما تركه موسى و هارون ، والآل مقحم لتفخيم شأنهما ، انتهى . وقال غيره : ( آل ) هنا زائدة ، والتقدير : مما ترك موسى و هارون ، ومنه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى آل أبي أوفى ، يريد نفسه ، ولقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود ، أي : من مزامير داود ; ومنه قول جميل :


بثينة من آل النساء وإنما     يكن لأدنى لا وصال لغائب



أي : من النساء ، انتهى . ودعوى الإقحام والزيادة في الأسماء لا يذهب إليه نحوي محقق ، وقول الزمخشري : والآل مقحم لتفخيم شأنهما إن عنى بالإقحام ما يدل عليه أول كلامه في قوله : ويجوز أن يراد مما تركهموسى و هارون ، فلا أدري كيف يفيد زيادة ( آل ) تفخيم شأن موسى و هارون ؟ وإن عنى بالآل الشخص ، فإنه يطلق على شخص الرجل آله ، فكأنه قيل : مما ترك موسى و هارون أنفسهما ، فنسب تلك الأشياء العظيمة التي تضمنها التابوت إلى أنها من بقايا موسى و هارون شخصيهما ، أي [ ص: 263 ] أنفسهما لا من بقايا غيرهما ، فجرى ( آل ) هنا مجرى التوكيد الذي يراد به : أن المتروك من ذلك الخير هو منسوب لذات موسى و هارون ، فيكون في التنصيص عليهما بذاتهما تفخيم لشأنهما ، وكان ذلك مقحما ؛ لأنه لو قيل : مما ترك موسى و هارون لاكتفى ، وكان ظاهر ذلك أنهما أنفسهما تركا ذلك وورث عنهما .

( تحمله الملائكة ) وقرأ مجاهد : ( يحمله ) ، بالياء من أسفل ، والضمير يعود على التابوت ، وهذه الجملة حال من التابوت ، أي : حاملا له الملائكة ، ويحتمل الاستئناف ، كأنه قيل : ومن يأتي به وقد فقد ؟ فقال : ( تحمله الملائكة ) استعظاما لشأن هذه الآية العظيمة ، وهو أن الذي يباشر إتيانه إليكم الملائكة الذين يكونون معدين للأمور العظام ، ولهم القوة والتمكين والاطلاع بإقدار الله لهم على ذلك ، ألا ترى إلى تلقيهم الكتب الإلهية وتنزيلهم بها على من أوحي إليهم ، وقلبهم مدائن العصاة ، وقبض الأرواح ، وإرجاء السحاب ، وحمل العرش ، وغير ذلك من الأمور الخارقة ، والمعنى : تحمله الملائكة إليكم .

قال ابن عباس : جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض ، وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت . قال وهب : قالوا لنبيهم : انعت وقتا تأتينا به فقال : الصبح ، فلم يناموا ليلتهم حتى سمعوا حفيف الملائكة بين السماء والأرض .

وقال قتادة : كان التابوت في التيه خلفه موسى عند يوشع ، فبقي هناك ولم يعلم به بنو إسرائيل ، فحملته الملائكة حتى وضعته في دار طالوت ، فأقروا بملكه . قال ابن زيد : غير راضين ، وقيل : سبى التابوت أهل الأردن - قرية من قرى فلسطين - وجعلوه في بيت صنم لهم تحت الصنم ، فأصبح الصنم تحت التابوت ، فسمروا قدمي الصنم على التابوت ، فأصبح وقد قطعت يداه ورجلاه ملقى تحت التابوت ، وأصنامهم منكسة ، فوضعوه في ناحية من مدينتهم ، فأخذ أهلها وجع في أعناقهم وهلك أكثرهم ، فدفنوه بالصحراء في متبرز لهم ، فكان من تبرز هناك أخذه الناسور والقولنج ، فتحيروا ، وقالت امرأة من أولاد الأنبياء من بني إسرائيل : ما تزالوا ترون ما تكرهون ما دام هذا التابوت فيكم ، فأخرجوه عنكم ، فحملوا التابوت على عجلة ، وعلقوا بها ثورين أو بقرتين ، وضربوا جنوبهما ، فوكل الله أربعة من الملائكة يسوقونهما ، فما مر التابوت بشيء من الأرض إلا كان مقدسا إلى أرض بني إسرائيل ، وضع التابوت في أرض فيها حصاد بني إسرائيل ، ورجعا إلى أرضهما ، فلم يرع بني إسرائيل إلا التابوت ، فكبروا وحمدوا الله على تمليك طالوت ، فذلك قوله : ( تحمله الملائكة ) .

وقال ابن عباس : إن التابوت والعصا في بحيرة طبرية يخرجان قبل يوم القيامة ، وقيل : عند نزول عيسى ، على نبينا وعليه السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية