الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 405 ] ولها الفسخ إن عجز عن نفقة حاضرة ، لا ماضية ، وإن عبدين ، لا إن علمت فقره أو أنه من السؤال ، إلا أن يتركه أو يشتهر بالعطاء وينقطع فيأمره الحاكم إن لم يثبت عسره بالنفقة والكسوة أو الطلاق ، وإلا تلوم بالاجتهاد . [ ص: 406 ] وزيد إن مرض أو سجن ثم طلق وإن غائبا ، أو وجد ما يمسك الحياة ، لا إن قدر على القوت ، وما يواري العورة ، [ ص: 407 ] وإن غنية .

التالي السابق


( ولها ) أي الزوجة ولو محجورة ( الفسخ ) للنكاح بطلقة رجعية وتبع ابن شاس وابن الحاجب وعبارة غيرهم الطلاق ( إن عجز ) الزوج ( عن نفقة حاضرة ) سواء أثبت عجزه أم لا ، وكذا الكسوة ( لا ) أي ليس لها الفسخ إن عجز عن نفقة ( ماضية ) تركها وهو موسر ولها مطالبته بها كالدين إن كانا حرين أو أحدهما بل ( وإن ) كانا ( عبدين لا ) أي ليس لها الفسخ لعجز الزوج عن نفقتها الحاضرة ( إن ) كانت ( علمت ) الزوجة عند عقد النكاح ( فقره ) أي الزوج ولو أيسر بعد ذلك ثم أعسر لدخولها على أنه لا ينفق عليها . ( أو ) علمت عنده ( أنه ) أي الزوج ( من السؤال ) بشد الهمز جمع سائل أي الذين يسألون الناس ويطوفون بالأبواب لذلك ( إلا أن يتركه ) أي الزوج السؤال ( أو يشتهر ) الفقير ( بالعطاء ) أي إعطاء الناس إياه ما ينفقه ( وينقطع ) إعطاؤه فلها الفسخ فيهما ، وإذا رفعته للحاكم وطلبت الفسخ ( فيأمره ) أي الزوج ( الحاكم إن لم يثبت ) بفتح الياء وضم الموحدة ( عسره ) أي الزوج ببينة أو بتصديقها ، وصلة يأمره ( بالنفقة أو الكسوة أو الطلاق ) أي يأمر بالإنفاق فإن امتنع أمره بالطلاق وحكم عليه به إذ الحاكم لا يحكم إلا بمعين ( وإلا ) أي وإن ثبت عسره ابتداء أو بعد أمره بالطلاق ( تلوم ) بفتحات مثقلا أي أمهله الحاكم ( بالاجتهاد ) من الحاكم من غير تحديد بيوم أو ثلاثة أو شهر أو شهرين وإن قيل بكل منها ولا نفقة لها زمن التلوم ، فإن رضيت بالمقام معه ثم قامت فلا بد من تلوم آخر . [ ص: 406 ]

( وزيد ) بكسر الزاي في زمن التلوم ( إن مرض ) الزوج ( أو سجن ) بضم فكسر بعد إثبات العسر بقدر ما يرجى له فيه شيء إذا رجي برؤه من المرض وخلاصه من السجن عن قرب ، وإلا طلق عليه بلا زيادة ( ثم ) بعد التلوم وعدم وجدان النفقة والكسوة ( طلق ) بضم فكسر مثقلا عليه ويجري فيه قوله فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم قولان إن كان حاضرا بل ( وإن ) كان ( غائبا ) ومعنى ثبوت عسر الغائب عدم وجود ما يقابل النفقة بوجه من الوجوه . ابن الحاجب حكم الغائب ولا مال له حاضر حكم العاجز . ابن عبد السلام يعني أن الغائب البعيد الغيبة وليس له مال أو له مال لا يمكنها الوصول إليه إلا بمشقة حكمه حكم العاجز الحاضر . ابن عرفة قوله إلا بمشقة خلاف ظاهر أقوالهم إنه لا يحكم عليه بطلاقها إلا إذا لم يكن له مال بحال دون استثناء . ابن رشد لا يخلو الزوج في مغيبه من كونه معروف الملاء أو معروف العدم أو مجهول الحال فإن كان معروف الملاء فالنفقة لها عليه على ما يعرف من ملائه ، ثم قال ولا خيار لها في فراقه كما يكون لها ذلك في المجهول الحال إذا كان لها مال تنفق منه على نفسها ولم تطل غيبته عنها ومثله لابن سلمون ونص ابن فتحون فإن كان غائبا معلوم المحل أو أسيرا أو فقيدا فإنها تطلق عليه إذا ثبت عدمه أو جهلت ولم يكن له مال حاضرا ، وكان له مال وتعسر الإنفاق منه وثبت ذلك فلها أن تطلق نفسها ولا يعتبر حال الزوج في ملائه أو عدمه . ( أو ) أي وطلق عليه وإن ( وجد ) الزوج ( ما يمسك الحياة ) فقط من القوت ; لأنه لا يصبر عليه ولا سيما إن طالت مدته ( لا ) يطلق عليه ( إن قدر على القوت ) الكامل المشبع ولو من خشن المأكول أو خبزا بلا إدام ( وما يواري ) أي يستر ( العورة ) أي جميع بدنها من صوف أو كتان أو جلد ولو دون ما يلبسه فقراء بلدهم فلا تطلق عليه إن كانت فقيرة بل [ ص: 407 ] وإن ) كانت ( غنية ) ومراعاة حالها في النفقة والكسوة محلها مع القدرة وما هنا في حال العجز الموجب للفراق .




الخدمات العلمية