الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولو دخل ، فالمسمى فقط كواطئ بعد حنثه [ ص: 59 ] ولم يعلم [ ص: 60 ] كأن أبقى كثيرا بذكر جنس أو بلد أو زمان يبلغه عمره ظاهرا ، لا فيمن تحته [ ص: 61 ] إلا إذا تزوجها .

التالي السابق


( ولو دخل ) الزوج بالزوجة التي علق طلاقها على العقد عليها ( ف ) الصداق ( المسمى ) بفتح الميم الثانية إن كان وإلا فصداق المثل يلزمه ( فقط ) وقال ابن وهب عليه المسمى ومثل نصفه النصف بالطلاق عقب العقد والمسمى بالوطء . ووجه المشهور أن كل وطء استند لعقد فلا يوجب زائدا عما أوجبه العقد . ثم شبهها للتقوي به فقال ( ك ) زوج ( واطئ ) زوجته التي علق طلاقها على شيء ( بعد حنثه ) في تعليقه بحصول المعلق عليه ( و ) الحال [ ص: 59 ] أنه ( لم يعلم ) بالحنث قبل وطئه فعليه المسمى فقط . ولو تكرر وطؤه ومفهومه أنه إن وطئها بعد علمه بحنثه فيها تعدد عليه المهر بتعدد الوطء الحرام الذي لا شبهة له فيه إن لم تعلم بحنثه أو أكرهها وإلا فلا شيء لها لأنها حينئذ زانية .

ابن عرفة وفيها إن نكحتك فأنت طالق ونصف فتزوجها لزمه طلاقها ، ولها نصف المسمى ، فإن بنى ولم يعلم فعليه صداق واحد لا صداق ونصف كمن وطئ بعد حنثه ولم يعلم وليس عليها عدة وفاة إن مات إنما عليها ثلاث حيض . وسمع أبو زيد كتب صاحب الشرطة لابن القاسم فيمن دخل بامرأة حلف طلاقها ألبتة إن تزوجها فكتب إليه لا تفرق بينهما بلغني عن ابن المسيب أن رجلا قال حلفت بطلاق فلانة إن تزوجتها فقال تزوجها وإثمكما في رقبتي ، وزعم أن المخزومي ممن حلف على أمه بمثل هذا .

ابن رشد مشهور المذهب أنه يفرق بينهما على كل حال وإن دخلا ومراعاة ابن القاسم الخلاف فيه شذوذ . أبو عمر بمثل رواية أبي زيد عن ابن القاسم أفتى ابن وهب . وقال نزلت بالمخزومي فأفتاه مالك بذلك . وقال محمد بن عبد الحكم وحكي عن ابن القاسم أنه توقف فيه في آخر أيامه ، وقال كأن عامة مشايخ أهل المدينة لا يرون به بأسا ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو هذا القول أحاديث كثيرة إلا أنها معلولة عند المحدثين ، ومنهم من صحح بعضها ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالفها أحسنها ما خرجقاسم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا طلاق إلا من بعد نكاح } ، وروي { لا طلاق قبل نكاح } ، وروي { لا طلاق فيما لا تملك } .

قلت في أحكام عبد الحق أبو داود عن مطرف الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا طلاق إلا فيما تملك ، ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك ، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك } . قال البخاري هذا أصح شيء في الطلاق قبل النكاح ، ثم قال ابن عرفة ففي جواز نكاح المحلوف بطلاقها على تزويجها للحالف ومنعه مع مضيه بالعقد أو بالبناء ، رابعها يفسخ أبدا . وخامسها الوقف ، وعزاها لقائليها فانظر . [ ص: 60 ] وشبه في لزوم الطلاق المستفاد من قوله كقوله لأجنبية إلخ فقال ( كأن ) طلق من يتزوجهن و ( أبقى ) المطلق لنفسه ( كثيرا ) من النساء لم يطلقهن ، سواء كان طلاقه بتعليق نحو إن فعلت كذا أو إن لم أفعله فكل امرأة أتزوجها طالق ، إلا من إقليم كذا ، أو إلا بعد عام أو بدونه ; نحو كل امرأة أتزوجها طالق إلا من إقليم كذا ، أو إلا بعد شهر . وسواء كان ما أبقاه مساويا لما حلف عليه أو لا .

وبين إبقاء الكثير بقوله ( بذكر جنس ) لغوي وإن كان صنفا منطقيا ككل تركية يتزوجها طالق ( أو ) بذكر ( بلد ) ككل مصرية يتزوجها طالقة ( أو ) بذكر ( زمان يبلغه ) أي يصل إليه ( عمره ظاهرا ) أي يشبه حياته إليه غالبا . وهذا يختلف بحسب اختلاف عمر الحالف من شبوبية وكهولة وشيخوخة ، ككل من يتزوجها في هذا العام طالق . واحترز بقوله يبلغه عمره ظاهرا عن نحو كل امرأة يتزوجها إلى تسعين سنة طالق ، فلا تلزمه هذه اليمين ، ويشترط في اللزوم أيضا أن يبقى مدة بعد ما يبلغه عمره ظاهرا ينتفع بالزواج فيها عادة وإلا فلا يلزمه .

ابن عرفة وعلى المشهور إن عم النساء دون قيد لم يلزمه للحرج . ابن بشير هذا نص المذهب وخرج بعضهم لزومه مع رواية عموم اللزوم فيمن قال كل ثيب أتزوجها حرام بعد قوله كل بكر كذلك . ورد بأن العموم المقصود أشد من العموم الذي آل إليه الأمر . قلت هذا اعتراف بتصور العموم في صورة التفصيل والحق منعه . أما اللفظ الأول فواضح ، وأما الثاني فكذلك ضرورة عدم تناوله بعض الجنس وهو متعلق اللفظ الأول . وعلة الإسقاط على هذه الرواية ، إنما هي المشقة الناشئة عن اللفظ العام ، وهي هنا عن لفظ خاص فلم توجد العلة بحال ، وإذا أبقى كثيرا بذكر جنس أو بلد أو زمان يبلغه عمره ظاهرا وكان متزوجا ف ( لا ) تلزمه اليمين ( فيمن تحته ) أي في عصمة الحالف من الزوجات فلا تطلق عليه بهذه اليمين بناء على أن الدوام ليس كالابتداء ، والفرق بين هذا وبين من [ ص: 61 ] حلف لا يركب أو لا يلبس وهو راكب أو لابس ودام راكبا أو لابسا فحنث به أن حقيقة التزوج إنشاء عقد جديد ولم يتحقق هذا فيمن تحته ، وليست حقيقة الركوب واللبس قاصرة على إنشائهما ، فإن كان نوى إنشاءهما فلا يحنث بدوامهما ، وفرق تت بضعف الالتزام في النكاح بقول أكثر الناس لا يلزمه فلا تلزمه فيمن تحته في كل حال .

( إلا إذا ) أبانها بعد يمينه ثم ( تزوجها ) فتدخل في يمينه إن شملها لفظه . ابن عرفة ولو علق التحريم بما يبقى كثيرا لزم ، ولا تدخل الزوجة إلا إذا بانت وشملها لفظه




الخدمات العلمية