الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 87 ] وإن قصده ب " اسقني " الماء ، أو بكل كلام : لزم

التالي السابق


( وإن قصده ) أي الزوج الطلاق ( ب ) قوله لزوجته ( اسقني الماء ) خاطبها بصيغة أمر المذكر لحنا ، وصوابه اسقيني بإثبات ياء الفاعلة أو على إرادة الشخص أو استهزاء بها أو تعظيما لها أو بحذفها تخفيفا ( أو ) قصده ( بكل كلام ) كادخلي أو اخرجي أو كلي أو اشربي مما ليس من لفظه الصريح ، ولا كنايته الظاهرة ، وجواب إن قصده ( لزم ) الطلاق الزوج ويستثنى من كل كلام الكلام الصريح في غير الطلاق كالظهار ، فلا يقع به الطلاق إذا نواه به كما يأتي في قوله وصريحه يظهر مؤيد تحريمها ، ولا ينصرف [ ص: 88 ] للطلاق إلخ ، إلا الصريح في العتق ، كحرة ومعتقة . فيلزم الطلاق به ، هذا هو المشهور ، ومذهب المدونة .

وقال أشهب لا يلزمه الطلاق بنحو اسقيني قاصدها به إلا إذا قال إذا قلت اسقيني فأنت طالق ، فإذا قاله طلقت بحنثه في التعليق لا بنفس لفظ اسقيني ، وهذا يسمى كناية خفية عند الأكثر ، وقد حصروا لفظه في صريح وكناية ظاهرة وكناية خفية . وقال ابن الحاجب هذا ليس من الكناية لأنها استعمال اللفظ في لازم ما وضع له ، وهذا ليس كذلك .

وأجيب بأن هذا اصطلاح للفقهاء وذاك اصطلاح للبيانيين ولا مشاحة في الاصطلاح . ابن عرفة ومن الكناية الخفية ما جعله ابن الحاجب قسيما لمطلقها نحو اسقيني وكلي واشربي ، وقول عتقها ادخلي الدار المشهور إن نوى به الطلاق مطلقا أو عددا لزمه منويه اللخمي . وقال أشهب لا شيء عليه إلا أن يريد أنت طالق إذا قلت ادخلي الدار يريد أن الطلاق إنما يقع عندما أقول لا بنفس اللفظ ، وذكر أبو عمر الأول لمالك رضي الله تعالى عنه وقال ولم يتابعه عليه إلا أصحابه ، ولم يذكر لأشهب خلافا . وكذا الباجي لم يذكر فيه خلافا ، قال قال أصحابنا هذا على وقوع الطلاق بمجرد النية .

ومذهب ابن القاسم يقتضي أنه لا يقع الطلاق في هذه المسألة بمجرد النية إنما يقع باللفظ المقارن لها لقول مالك رضي الله تعالى عنه من أراد أن يقول أنت طالق فقال كلي أو اشربي فلا يلزمه شيء وإن وجدت منه النية ، ثم قال ابن عرفة ففي لزوم الطلاق بإرادته من لفظ لا يحتمله . ثالثها إن قصد تعليقه على النطق به للمشهور ومطرف عن ابن الماجشون وأشهب ، وفيها لمالك رضي الله تعالى عنه إن قال تقنعي أو استتري يريد يه الطلاق فهو طلاق وإلا فلا ، وفيها له كل كلام يريد به الطلاق فهو كما نوى . قلت ظاهرها مع سماع عيسى أن نية الطلاق بما ليس من لفظه بحال ، إنما يلزم به ما يلزم بلفظ الطلاق لا الثلاث إلا أن ينويها .




الخدمات العلمية