الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكان إذا لقي أحدا من أصحابه بدأه بالمصافحة ، ثم أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته عليها وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته ، وأقبل عليه ، فقال : ألك حاجة .

فإذا فرغ من حاجته عاد إلى صلاته وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة .

التالي السابق


(وكان) صلى الله عليه وسلم (إذا لقي أحدا من أصحابه بدأه بالمصافحة، ثم أخذ يده فشابكه ثم شد قبضته) ، روى أبو داود من حديث أبي ذر، وسأله رجل من عنزة : " هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني"، الحديث، وفيه: الرجل الذي من عنزة ولم يسم وسماه البيهقي في الأدب عبد الله ، ورويناه في علوم الحديث للحاكم من حديث أبي هريرة، قال: شبك بيدي أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم- وهو عند مسلم بلفظ: "أخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- بيدي" ، قاله العراقي [ ص: 110 ] قلت: وقد وقع لنا مسلسلا بالمشابكة من طريق أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز المكي، "وشبك بيدي" ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن طالب "وشبك بيدي"، قال : حدثنا أبو عمر عبد العزيز بن الحسن بن بكر بن عبد الله بن الشرود الصغاني، "وشبك بيده، قال: شبك بيدي أبي، وقال: أبي شبك بيدي أبي، وقال: شبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى، قال: شبك بيدي صفوان بن سليم، قال: شبك بيدي أيوب بن خالد، قال: شبك بيدي عبد الله بن رافع، قال: شبك بيدي أبو هريرة قال: "شبك بيدي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم- وقال: خلق الله سبحانه وتعالى الأرض يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة" .

وقد روى عن عبد العزيز بن الحسن بن بكر جماعة على المتابعة محمد بن أحمد بن سعيد الفامي، ومحمد بن إبراهيم بن زوزان الحارثي، وأبو بكر محمد بن الحسن بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي، ومحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة البغدادي، ومحمد بن محمد بن مهدي القشيري، وأحمد بن علي بن الحسن المقري، وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي، وآخرون .

ورواه كذلك عن بكر بن عبد الله بن الشرود أيوب بن سالم، وعن إبراهيم بن أبي يحيى محمد بن همام، وأصل الحديث مخرج في صحيح مسلم، كما أشار إليه العراقي، رواه من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج عن إسماعيل بن إبراقية، عن أيوب بن خالد، وقول المصنف بدأه بالمصافحة أي: بعد السلام، لما روى الطبراني في الكبير من حديث جندب :" كان إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم"، وقوله: "ثم شد قبضته" قال بعض الشيوخ: أراد بذلك زيادة المحبة، وتأكيدها، وقد وقع لنا كذلك مسلسلا في بعض طرق المصافحة .

(وكان) ـ صلى الله عليه وسلم (لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله تعالى) روى الترمذي في الشمائل من حديث علي في حديثه الطويل، في صفته ، وقال على ذكر بالتكبير، ويفهم من عموم حديث كان يذكر الله على كل أحيانه.

(وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته، وأقبل عليه، فقال: ألك حاجة، فإذا فرغ من حاجته عاد إلى صلاته) ، قال العراقي : لم أجد له أصلا .

قلت: ولكن روى أحمد في مسنده عن رجل من الصحابة، قال: "كان مما يقول للخادم ألك حاجة؟ " وهذا يدل إذا جاءه الخادم وجده في الصلاة كان يخفف ويقبل عليه بالسؤال، عن الحاجة، وهو من جملة مكارم الأخلاق، إذ لا يأتيه في ذلك الوقت إلا لحاجة، فإذا طول في الصلاة فقد أوقعه في الانتظار .

(وكان) ـ صلى الله عليه وسلم ـ (أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة) ، روى أبو داود، والترمذي في الشمائل من حديث أبي سعيد الخدري، " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- إذا جلس في المجلس احتبى بيده " وإسناده ضعيف، وللبخاري من حديث ابن عمر : "رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- بفناء الكعبة محتبيا بيده" قاله العراقي .

قلت: وحديث أبي سعيد رواه أيضا البيهقي وفيه: "احتبى بيديه" ورواه البزار وزاد: "ونصب ركبتيه"، وفي بعض نسخ أبي داود : "إذا جلس في المسجد"، وفي قول العراقي : وإسناده ضعيف، أشار به إلى أنهم رووه من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن إسحاق الأنصاري، عن ربيح بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد، قال أبو داود الغفاري منكر الحديث، وقال الذهبي في المهذب: إنه ليس بثقة، وقال الصدر المناوي، في ربيح عن أحمد : إنه غير معروف، ثم الاحتباء: هو جمع الساقين إلى البطن مع الظهر باليدين عوضا عن جمعهما بالثوب، وفي بعض الأخبار أن الاحتباء: حيطان العرب، فإذا أرادوا الاستناد احتبوا لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط، ويصير لهم كالجدار .




الخدمات العلمية