الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثاني أن الحسبة تارة تكون بالنهي بالوعظ وتارة بالقهر ، ولا ينجع وعظ من لا يتعظ أولا ونحن نقول : من علم أن قوله لا يقبل في الحسبة لعلم الناس بفسقه فليس عليه الحسبة بالوعظ؛ إذ لا فائدة في وعظه فالفسق يؤثر في إسقاط فائدة كلامه ثم إذا سقطت فائدة كلامه سقط وجوب الكلام فأما إذا كانت الحسبة بالمنع ، فالمراد منه القهر ، وتمام القهر أن يكون بالفعل والحجة جميعا ، وإذا كان فاسقا فإن قهر بالفعل فقد قهر بالحجة؛ إذ يتوجه عليه أن يقال له : فأنت لم تقدم عليه، فتنفر الطباع عن قهره بالفعل مع كونه مقهورا بالحجة ، وذلك لا يخرج الفعل عن كونه حقا ، كما أن يذب الظالم عن آحاد المسلمين ويهمل أباه وهو مظلوم معهم تنفر الطباع عنه ، ولا يخرج دفعه عن المسلم عن كونه حقا فخرج من هذا أن الفاسق ليس عليه الحسبة بالوعظ على من يعرف فسقه ؛ لأنه لا يتعظ وإذا لم يكن عليه ذلك، وعلم أنه يفضي إلى تطويل اللسان في عرضه بالإنكار ، فنقول : ليس له ذلك أيضا فرجع الكلام إلى أن أحد نوعي الاحتساب وهو الوعظ قد بطل بالفسق ، وصارت العدالة مشروطة فيه ، وأما الحسبة القهرية فلا يشترط فيها ذلك ، فلا حرج على الفاسق في إراقة الخمور وكسر الملاهي وغيرها إذا قدر وهذا غاية الإنصاف ، والكشف في المسألة .

التالي السابق


(الثاني أن الحسبة تارة تكون بالنهي بالوعظ ) والنصيحة، (وتارة بالقهر، ولا ينجع وعظ من لا يتعظ أولا) أي: لا ينفع، (ونحن نقول: من علم أن قوله لا يقبل في الحسبة لعلم الناس بفسقه فليس عليه الحسبة بالوعظ) اللساني (إذ لا فائدة في وعظه) ذلك (فالفسق يؤثر في إسقاط فائدة كلامه) أي: لا يكون لكلامه فائدة مع وجود الفسق (ثم إذا سقط فائدة كلامه سقط وجوب الكلام) فلم يكن واجبا عليه، (فأما إذا كانت الحسبة بالمنع، فالمراد منه القهر، وتمام القهر أن يكون بالفعل والحجة جميعا، وإذا كان) المحتسب (فاسقا فإن قهر بالفعل فقد قهر بالحجة؛ إذ يتوجه عليه أن يقال: فأنت لم تقدم عليه، فتنفر الطباع عن قهره بالفعل مع كونه مقهورا بالحجة، وذلك لا يخرج الفعل عن كونه حقا، كما أن من يذب الظالم) أي: يدفعه (عن آحاد المسلمين ويهمل أباه) أي: يتركه (وهو مظلوم معهم تنفر الطباع عنه، ولا يخرج دفعه للمسلم عن كونه حقا) في حد نفسه، (فخرج من هذا أن الفاسق ليس عليه الحسبة بالوعظ على من يعرف بفسقه؛ لأنه لا يتعظ) أي: لا ينجع فيه وعظه؛ لما عرفه منه [ ص: 18 ] (وإذا لم يكن عليه ذلك، وعلم أنه يفضي إلى تطويل اللسان في عرضه بالإنكار، فنقول: ليس له ذلك أيضا فرجع الكلام إلى أن أحد نوعي الاحتساب -وهو الوعظي- قد بطل بالفسق، وصارت العدالة مشروطة فيه، وأما الحسبة القهرية فلا يشترط فيها ذلك، فلا حجر على الفاسق في إراقة الخمور وكسر) آلات (الملاهي وغيرها إذا قدر) على ذلك (وهذا غاية الإنصاف، والكشف في) هذه (المسألة) وليس وراء ذلك تحقيق .




الخدمات العلمية