الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتحصل الرجعة بوطئها ، نوى الرجعة به أو لم ينو ) ، هذا المذهب مطلقا ، وعليه جماهير الأصحاب ، منهم ابن حامد ، والقاضي ، وأصحابه ، قال في المذهب ، وتجريد العناية : تحصل الرجعة بوطئها ، وجزم به في العمدة والوجيز ، وغيرهما ، قال في الكافي : هذا ظاهر المذهب ، وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وعنه : لا تحصل الرجعة بذلك إلا مع نية الرجعة ، نقلها ابن منصور ، قال ابن أبي موسى : إذا نوى بوطئه الرجعة كانت رجعة ، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وقيل : لا تحصل الرجعة بوطئها مطلقا ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو ظاهر كلام الخرقي .

تنبيه : قال الزركشي : واعلم أن الأصحاب مختلفون في حصول الرجعة بالوطء هل هو مبني على القول بحل الرجعية أم مطلق ؟ على طريقتين . [ ص: 155 ] إحداهما وهي طريقة الأكثرين ، منهم القاضي في الروايتين ، والجامع ، وجماعة عدم البناء . والطريقة الثانية : وهو مقتضى كلام أبي البركات ، ويحتملها كلام القاضي في التعليق البناء ، فإن قلنا الرجعية مباحة : حصلت الرجعة بالوطء ، وإن قلنا غير مباحة : لم تحصل ، وهي طريقة أبي الخطاب في الهداية ، فإنه قال : لعل الخلاف مبني على حل الوطء وعدمه ، وقال في القاعدة الخامسة والخمسين : وهل تحصل الرجعة بوطئها ؟ على روايتين مأخذهما عند أبي الخطاب الخلاف في وطئها : هل هو مباح أو محرم ؟ والصحيح : بناؤه على اعتبار الإشهاد للرجعية وعدمه ، وهو البناء المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولا عبرة بحل الوطء ولا عدمه ، فلو وطئها في الحيض وغيره كان رجعة . انتهى . فعلى القول بالرجعة : لا تحصل بوطئه ، وأن وطئها غير مباح ، جزم المصنف بأن لها المهر إذا أكرهها على الوطء إن لم يرتجعها بعده ، وهو أحد الوجوه ، وقيل : يجب المهر ، سواء ارتجعها أو لم يرتجعها ، وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والخلاصة ، وقدمه في المستوعب ، قال في البلغة ، والرعاية : وهو ضعيف . انتهى . والصحيح من المذهب : أنه لا يلزمه مهر إذا أكرهها على الوطء ، سواء ارتجعها أو لم يرتجعها ، وسواء قلنا : تحصل الرجعة بوطئها أو لم تحصل ، اختاره الشارح ، والقاضي في الجامع ، والتعليق ، والشريف في خلافه ، وصححه في الرعاية الصغرى ، وإليه ميل المصنف ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، والزبدة ، والفروع ، وأطلقهن الزركشي ، وأطلق في المحرر ، والنظم في وجوب المهر على المكره وجهين .

التالي السابق


الخدمات العلمية