الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والسنة : أن يتلاعنا قياما بمحضر جماعة ) ، هذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، وقدمه في الفروع ، وقيل : بمحضر أربعة فأزيد ، جزم به في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، قال المصنف ، والشارح : يسن أن يكون بمحضر جماعة من المسلمين ، ويستحب أن لا ينقصوا عن أربعة . انتهى . قلت : لعل المسألة قولا واحدا ، وأن بعض الأصحاب : قال " جماعة " وبعضهم قال " أربعة " ومراد من قال " جماعة " أن لا ينقصوا عن أربعة ، ولكن صاحب الفروع غاير بين القولين ، فإن كان أحد من الأصحاب صرح في قوله " جماعة " أنهم أقل من أربعة : [ ص: 240 ] فمسلم ، وإلا فالأولى : أن المسألة قولا واحدا ، كما قال المصنف ، والشارح ، والله أعلم .

قوله ( في الأوقات ، والأماكن المعظمة ) ، هذا المذهب ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقيل : لا يسن تغليظه بمكان ولا زمان ، اختاره القاضي ، والمصنف ، وقدمه في الكافي ، وصححه في المغني ، وأطلقهما في الفروع ، وخص في الترغيب هذين الوجهين بأهل الذمة ، وهو احتمال في المغني ، والشرح .

فائدة

" الزمان " بعد العصر ، وقال أبو الخطاب في موضع آخر : بين الأذانين ، و " المكان " بمكة ، بين الركن والمقام ، وبالمدينة : عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي بيت المقدس : عند الصخرة ، وفي سائر البلدان : في جوامعها ، ويأتي لهذا مزيد بيان في " باب اليمين في الدعاوى " . قوله ( وأن يكون ذلك بحضرة الحاكم ) ، يشترط في صحة اللعان : أن يكون بحضرة الحاكم أو نائبه ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، لكن ظاهر كلام المصنف هنا : أن حضوره مستحب ، ولم أره لغيره ، وقد يقال : لا يلزم من كون المصنف جعله سنة : انتفاء الوجوب ، إذ السنة في قوله " والسنة " أعم من أن يكون مستحبا أو واجبا .

فائدة : لو حكما رجلا يصلح للقضاء ، وتلاعنا بحضرته ، فقال الشارح : قد ذكرنا أن من شرط صحة اللعان : أن يكون بحضرة الإمام أو نائبه ، [ ص: 241 ] وحكى شيخنا في آخر كتاب القضاء يعني : في المقنع إذا تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء ، فحكماه بينهما : نفذ حكمه في اللعان في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وحكاه أبو الخطاب ، قلت : وهو المذهب ; لأنه كحاكم الإمام ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، على ما يأتي هناك إن شاء الله تعالى ، وقال القاضي : لا ينفذ إلا في الأموال خاصة ، وحاصله : أنهما إذا حكما رجلا ، هل يكون كالحاكم من جميع الوجوه أم لا ؟ على ما يأتي بيانه . قوله ( فإن كانت المرأة خفرة : بعث الحاكم من يلاعن بينهما ) ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وقال في عيون المسائل في مسألة فسخ الخيار بلا حضور الآخر : للزوج أن يلاعن مع غيبتها ، وتلاعن هي مع غيبته .

التالي السابق


الخدمات العلمية