الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فإن تخلل صومها صوم شهر رمضان ، أو فطر واجب كفطر العيد ، أو الفطر لحيض ، أو نفاس ، أو جنون ، أو مرض مخوف ، أو فطر الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما : لم ينقطع التتابع ) ، إذا تخلل صوم الشهرين صوم شهر رمضان ، أو فطر يومي العيدين ، أو حيض ، أو جنون : انقطع التتابع ، نص عليه في العيد والحيض ، ولم يلزمه كفارة عند الأصحاب ، وكون الصوم لا ينقطع إذا تخلله رمضان أو يوم العيد : من مفردات المذهب ، وقال في الروضة : إن أفطر لعذر كمرض وعيد : بنى ، وكفر كفارة يمين . انتهى . وإذا تخلل ذلك مرض ومخوف : لم يقطع التتابع ، ولم يلزمه كفارة ، [ ص: 225 ] جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والبلغة ، والمغني ، والشرح ، والوجيز ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والنظم ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم ، قال في الفروع ، قال جماعة : ومرض مخوف ، وتقدم قول صاحب الروضة ، وإذا أفطرت الحامل والمرضع ، لخوفهما على أنفسهما ، لم ينقطع التتابع ، لا أعلم فيه خلافا ، وإذا أفطرت لأجل النفاس ، فجزم المصنف هنا : أنه لا ينقطع التتابع أيضا وهو أحد الوجهين ، والصحيح من المذهب ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي والبلغة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والنظم ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم .

والوجه الثاني : ينقطع التتابع ، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز ، والخلاصة ، فإنهما لم يذكراه فيما لا يقطع التتابع ، وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع . قوله ( وكذلك إن خافتا على ولديهما ) ، يعني : إذا أفطرتا لخوفهما على ولديهما : لم يقطع التتابع ، وهو أحد الوجهين ، والمذهب منهما ، اختاره أبو الخطاب في الهداية ، وصححه في الخلاصة ، وجزم به في الوجيز ، ومنتخب الأدمي ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمصنف وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، ويحتمل أن ينقطع ، وهو للقاضي ، واختاره ، [ ص: 226 ] وهو ظاهر ما جزم به الناظم ، وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمغني ، والمحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير .

فائدتان

إحداهما : لو أفطر مكرها أو ناسيا ، كمن وطئ كذلك ، أو خطأ ، كمن أكل ، يظنه ليلا فبان نهارا : لم يقطع التتابع ، على الصحيح من المذهب كالجاهل به ، جزم به في المحرر ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وقيل : يقطعه ، وأطلقهما الزركشي ، قال المصنف ومن تبعه : لو أكل ناسيا لوجوب التتابع ، أو جاهلا به ، أو ظنا منه أنه قد أتم الشهرين : انقطع تتابعه . الثانية قوله ( وإن أفطر لغير عذر ، أو صام تطوعا ، أو قضاء عن نذر أو كفارة أخرى : لزمه الاستئناف ) بلا نزاع ، ويقع صومه عما نواه ، على الصحيح من المذهب ، وقال في الترغيب : هل يفسد ، أو ينقلب نقلا ؟ فيه وفي نظائره وجهان . قوله ( وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين ) ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والهادي ، والمغني ، والبلغة ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . أحدهما : لا ينقطع التتابع به ، وهو المذهب ، قدمه في الكافي ، والفروع ، وجزم به الأدمي في منتخبه ، وابن عبدوس في تذكرته ، وإليه ميل المصنف ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، [ ص: 227 ] قال الشارح : لا ينقطع التتابع بفطره في السفر المبيح له ، على الأظهر ، وأطلق الوجهين في المرض .

والوجه الثاني : يقطعه ، وهو ظاهر كلامه في الوجيز ، وقيل : يقطع السفر ; لأنه أنشأه باختياره ، ولا يقطع المرض ، اختاره القاضي وجماعة من أصحابه ، وقال القاضي : نص عليه ، قال الزركشي : هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية