الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو كان الرامي يطيل الكلام والحبس ، قيل له : لا تطل ولا تعجل عما يفهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما المرمي ، فهو المؤتمن بين المتناضلين ويسمى المشير والموطن ، لا يشير على كل واحد منهما بمقصوده ، ويخرج سهمه ، ويوطن موقفه ، ويرد عليه سهمه بعد رميه ، ويخبر بصوابه أو خطئه ، وعلى هذا أن يعدل بين المتناضلين ، ولا يميل إلى أحدهما ، فيجور ، ولا يمدح أحدهما ويذم الآخر ، وليكن إما مادحا لهما أو ساكتا عنهما ، وليعجل رد سهم كل واحد منهما عليه ، ولا يحبسه عنه ، فينسى حسن صنيعه ، فإن خالف بالميل على أحدهما ، منع لإضراره به ، وإن ساوى بينهما في إكثار الكلام ، وإطالته ، وحبس السهم في إعادته صار مضرا بهما ، وتوجه المنع إليه في حقهما بعد أن كان في حق أحدهما ، وأمر بإقلال الكلام ، وتعجيل السهام : لأن كثرة كلامه مدهش ، وحبسه للسهام ينسي حسن صنيعها ، فإن كف وإلا استبدل به غيره ممن يتراضيانه به المتناضلان ، فإن اختلفا ، اختار الحاكم لهما مؤتمنا ، وهكذا لو كان الكلام من أحد المتناضلين مدحا لنفسه بالإصابة ، وذما لصاحبه بالخطأ كف ومنع ، فإن أقام عليه ، ولم يقلع عنه عزر ، ولم يستبدل به لتعيينه في العقد الذي لا يقوم غيره فيه مقامه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية